الخليجتقارير

تقرير: حمد الخليفة مشغول في “لندن”.. وسلمان بـ”اليمن”.. ماذا عن كامب ديفيد؟

 

البحرين اليوم – (خاص)

 

تعذّر الملك السّعودي سلمان عن حضور قمّة كامب ديفيد بانشغاله بموضوع الهدنة في اليمن، وارتباطه بافتتاح مركز للإغاثةِ الإنسانيّة. أمّا الخليفيّ حمد عيسى الخليفة فعُذره، بحسب الوكالة الرّسميّة، هو ارتباط بموعد مسبق في العاصمة البريطانيّة لندن.

يؤكد مراقبون بأنّ طبيعة الأعذار هذه تعكس حجم “الحرج” السعوديّ والخليفيّ الواسع إزاء الوقوع فيما يُطلق عليه ناشطون ب”إفلاس التبريرات” حيال استمرار الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، وخاصة في البحرين.

المتحدّث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، أعلن أنّ الملك سلمان لم يُبدِ أيّ “قلق“ حيال جدول أعمال القمّة، إلا أنّ الأوساط الدبلوماسيّة والسّياسيّة رأت في هذا الغياب عدّة رسائل تتعلق برؤية السّعودية – التي تهيمن على مجلس التعاون – للمفاوضات الجارية مع إيران بشأن برنامجها النّووي، وهو أحد المحاور التي يُفترض أنّ تتناولها القمّة.

أوساط سعوديّة معارضة قالت بأنّ الملك سلمان، وأثناء انعقاد القمة الخليجية التّشاورية في الرّياض، بتاريخ ٥ مايو؛ طلبَ من الزعماء الخليجيين تخفيض مستوى الحضور إلى كامب ديفيد إلى مستوى “ولاة العهد“، وهو طلبٌ لم يلقَ استجابة من أميري الكويت وقطر اللذين تربطهما التزامات كبيرة مع واشنطن، إضافة إلى التمايز الذي تحرص عليه كلّ من الدوحة والكويت في التّعاطي مع ملفات المنطقة. وليس بعيدا عن ذلك؛ الخلاف الكبير الذي شهدته العلاقات بين قطر والسعودية بوجه خاص العام الماضي، والذي وصلَ حدّ سحب السفراء في مارس ٢٠١٤م. وغير بعيدٍ عن ذلك أيضاً؛ الأزمة النفطية التي تفجّرت بين الكويت والسّعودية يوم أمس الثلثاء حول حقلي الوفرة والخفجي، وإعلان الكويت بأنّها ستلجأ للتحكيم الدّولي لحلّ الأزمة بعد إغلاق السعودية حقل الوفرة مدّة أسبوعين.

بحسب صحيفة “هآرتس“ الإسرائيليّة، فإن غياب الملك سلمان عن القمة هو “أقل من تهديد“ لواشنطن، ويمكن أن يكون “عتاباً شديدا“ لها بسبب عدم استجابة الأخيرة لرغبات الرياض بتقديم مواقف “عملية“تبعث الطمأنة لها، وخاصة في ملفيّ إيران وسوريا. وهي طمأنة لا يبدو أن اجتماع وزراء خارجيّة التعاون مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في باريس، كان كافياً لتحقيق هذا الاطمئنان، رغم نشْر الصحف لما قيل بأنه “مسودة” بيان القمة الختامي، وتضمّن خطوطا عريضة تلبّي الاحتياجات “الأدنى” للخليجيين، وخاصة بشأن دعم المعارضة السورية، والتأكيد على محور “الرياض” في الحل السياسيّ في اليمن، وإقامة منظومة أمنية دفاعية لحماية الخليج.

الباحث السياسيّ فؤاد إبراهيم قال إن السعوديّة طلبت من الولايات المتحدة “طلباً مكتوباً بالحماية“، إلا أن أوباما وعدَ بفعل ذلك شفهياً، وهو أمر لم يُقنع السعوديين.

يقول مراقبون إن هناك انكساراً جزئياً في “الثقة“ بين أوباما، والسعودية على وجه الخصوص، وتعلم واشنطن بأنّ “الشيء الوحيد“ الذي يمكن أن تفعله لترميم هذا الانكسار هو “جولة جديدة من مبيعات الأسلحة لدول الخليج“، بحسب صحيفة الوول ستريت جورنال، والتي لا تستبعد أن تقوم الولايات المتحدة “بتوسيع ضمانات الدفاع في الخليج، بما في ذلك فرض مظلة نووية أميريكية“، إلا أن ذلك لن يُنهي “المخاوف العميقة” التي يحملها الخليجيون حيال سياسات واشنطن، وخاصة بعد التصريحات والمواقف الأخيرة لأوباما، وهي مخاوف عبّر عنها أمير سعودي، يُدعى فيصل بن سعود بن عبد المحسن، الذي قال للول ستريت جورنال: “لدينا حلفاء لا يستمعون لنا، وهذا ما يجعلنا قلقين للغاية“.

 

أوساط متابعة للقمة تشير إلى باعث آخر للقلق الخليجي من مباحثات كامب ديفيد، وتتعلق بالشأن الدّاخلي في دول الخليج. حيث سيخوض أوباما “محادثات صعبة“ حول الملفات الداخلية في دول الخليج، بما في ذلك ملف الإصلاحات السياسيّة الذي تطرّق إليه أوباما في مقابلة سابقة مع الصحافي توماس فريدمان، والتي أكّد فيها بأن مشاكل “قادة الخليج“ هي “مع شعوبهم، وليس مع إيران“.

سفير دولة الإمارات السابق في واشنطن، يوسف العتيبة، وضعَ خطّا واضحاً في هذا الشأن، وأعلنَ بأن حكّام دول الخليج لا يتشاركون مع الولايات المتحدة “في القيم الديمقراطية“، رافضاً تصريحات أوباما الخاصة بالإصلاحات الدّاخلية.

فؤاد إبراهيم يؤكد بأن “السعودية تخشى من إثارة موضوع الإصلاح السياسيّ“، ويرى بأن “مقررات كامب ديفيد لا تخدم مشيخات الخليج، لأنها تتّجه إلى إيجاد حلول تصالحية مع إيران، وتتضمن مطلب إصلاحات داخليّة“. ويضع إبراهيم ذلك في سياق واحد مع “الخلاف الخليجي-  الخليجي“ الذي قال بأنه آخذ في التصاعد، مشيرا إلى أن طاقم الحكم الجديد الذي أتى به الملك سلمان؛ سبّب إزعاجاً لدى قادة خليجيين.

منظمات حقوقية، بينها هيومن رايتس ووتش، وجدت في القمة فرصةً لإثارة الملفات الحقوقية داخل دول الخليج، وبعثت المنظمة رسالةً إلى أوباما للضغطِ على الحكّام الخليجيين وحثّهم على القيام بإصلاحاتٍ حقيقيّة وتعديل أوضاع حقوق الإنسان، وقالت سارة مارغون، المسؤولة في المنظمة، بأن“الاتفاقية الأمنية الخليجية، إضافة إلى القوانين القمعية التي تبنتها كل دولة؛ تعمل على إسكات أصوات هامة وعلى ملء سجون المنطقة“، وأشارت إلى أن أوباما ينبغي أن “يستخدم نفوذه لدعمٍ لا لبس فيه إلى الذين يجهرون بانتقاد القمع والانتهاكات“.

وأعلنت منظمات حقوقية خليجيّة توجد في واشنطن؛ عن تنظيم حملة تتزامن مع انعقاد القمة، لتوجيه الأنظار إلى الانتهاكات الحقوقيّة داخل بلدان الخليج. ودعا حسين عبد الله، المسؤول في منظمة“أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين“، أوباما للاستفادة من اجتماعه مع قادة دول الخليج في كامب ديفيد للضغط عليهم من أجل إصلاح سجل مجال حقوق الإنسان.

بدوره، قال علي آل أحمد، رئيس معهد الخليج بواشنطن، بأنّ النشطاء سينظمون جملة من الأنشطة الاحتجاجية تزامنا مع القمة، وأكّد آل أحمد – المعارض السعودي المقيم في الولايات المتحدة – بأن القمة ستكون فرصة لإظهار الوجه الحقيقي لما يدور في السعودية والخليج من انتهاكات.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى