تقارير

في غياب ثامر السبهان.. ونسخ “السبهنة” الخليفية: الحدود القصوى لأنظمة “الزعاطيط”

 

البحرين اليوم – (خاص)

لأكثر من شهر، وتحديدا منذ ١٢ نوفمبر ٢٠١٧م، غابَ عن “التغريد” ثامر السبهان، الوزير السعودي الذي يُعنى بـ”شوؤن الخليج”، وهو منصب ليس له مثيل في بقية دول الخليج، ويعطي مؤشرات على طبيعة التفرعن السعودي وطبائع الهيمنة التي تجري فيها دماء آل سعود ومواليهم، كما يُنبّه ذلك إلى الاختيار “الموفق” للشخص الذي يتولى إبراز دفائن هذا المنصب. قبل غياب السبهان “غير المفاجيء”؛ كان “الزعطوط” – كما وصفه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ذات خطاب – في “حرب مسعورة ولا هوادة فيها” ضد إيران وحزب الله، منذرا بأن “زمن الحزم” لن يترك “الإرهابيين ومليشياتهم وأذنابهم” على حالهم، ومتوعّدا إياهم بـ”الاجتثاث الحتمي” وبـ”تحالف دولي لمحاربة المقاومة” على غرار محاربة الإرهاب! هذا اللواء حمله بـ”إخلاص” الضابطُ السعودي القادم من عالم “العمليات القذرة”، وكأنه أصبحَ ناطقا باسم إسرائيل، ومفسِّرا لأحلام ترامب ومناماته التوراتية، حيث عجّت أحاديث السبهان وتغريداته بذلك القاموس “الصيهوني”، وكأنه كان يتسابق مع شخص آخر لإثبات تفوّقه عليه في التصهيْن والعبودية للبيت الأبيض، وبعد أن أصبح الأخيرُ ملطخاً بلون ترامب المجعّد. وبحسب آخر ما نُشر عنه؛ فإن السبهان اختفى عن الأنظار والأسماع بعد زيارة أخيرة قام بها إلى واشنطن، وتحديداً بعد أن أطاحت به قضية “استقالة” سعد الحريري، التي خطّط “المطبخ السري لآل سعود” لأن تكون مفتاحاً لتفجير لبنان، فإذا بها تكون مفتاحاً للباب الذي دخله السبهان – وآل سعود من ورائه – ومن غير أن يعود، حتى الساعة.

ولكن لا ينبغي التعامل بـ”خفّة زائدة” مع ظهورات السبهان وغياباته. فالرجل عسكري “من الطراز العريق”، ومن طبع العساكر من ذوي الخبرات “الأمنية والاستخبارتية” أنهم ينفذون الأوامر حرفياً، ولا يجتهدون لا في الزيادة ولا في النقصان. يعني ذلك أن هناك “طقماً من الأدوار الزئبقية” التي أُنيط بالسبهان القيام بها، بين فترة وأخرى، في السّر والعلن، وليس ابتداءاً من عمله “العسكري” في السفارة السعودية ببيروت، وليس مرورا بأيامه الاستفزازية سفيرا لآل سعود في بغداد، وبالطبع ليس انتهاءا باستدراج الحريري إلى الرياض واستخدامه منصّةً لإطلاق صواريخ “تويتر” على إيران وحزب الله. ويعني ذلك أيضا، أن “غياب” السبهان في واشنطن – أو ربّما في مكان آخر قريب من حدود السعودية الجديدة بعد الاستيلاء على جزيرتي تيران وصنافير – ليس “تغييبا عقابيا” على أخطاء ارتكبها أو خروجا غير مقبول على النصّ، بل هو “غيبة تكتيكية” لإعادة رسم خريطة المؤامرات التي تتوالى في الفشل مرة بعد أخرى.

يقول متابعون بأن السبهان “غارق” في مهمة/ مهام جديدة “أكثر قذارةً” من كل الفواحش التي صدرت عنه، ومنذ ظهوره إلى العلن. ويجري الحديث عن “ظهور مبرمج” مقبل للسبهان بالتوازي مع أكبر عملية “حلب أبقار” سيقوم بها ترامب لحلفائه العبيد في الخليج، وخاصة في السعودية والبحرين. ولا تستبعد المصادر أن تكون “فاحشة” الرئيس الأمريكي الأخيرة بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل – ورغم المعارضة العالمية للقرار كما ظهر في تصويت الجمعية العمومية للأمم المتحدة يوم الخميس ٢١ ديسمبر ٢٠١٧م – هي الباكورة التي ستكون من بين نتائجها المقبلة؛ تفريخ الظهور الجديد لموبقات السبهان الجديدة، ليس السبهان الشخص بالضرورة، ولكن النسخ الشبيهة أو طبق الأصل منه الجاري توزيعها.

تضيف مصادر متابعة بأن السبهان أُوْكلت إليه مهمة تبليغ آل خليفة بتفاصيل “المهام القذرة” المطلوب منهم في الفترة المقبلة، وبينها إدارة السبهان سراً لـ”الإيقاع” المتصاعد في العلاقة الخليفية مع إسرائيل، حيث يفضّل آل سعود استعمالَ الخليفيين كـ”فئران تجارب”، قبل الإقدام على الخطوات أو السياسات التي يُتوقع أن تثيرا استياءا أو لغطا كبيرا في العالم العربي والإسلامي، تماما كما حصل في ملف العلاقة مع إيران، وحزب الله ولبنان عموما، ودولة قطر، وغير ذلك، والتي حُمَّل فيها الخليفيون القدر الأكبر من ارتكاب الجهالات والحماقات والتهديدات الصبيانية. ولعلّ تقاطع السبهان مع “المطبخ السري” لمحمد بن سلمان؛ يجعله أكثر الأشخاص قدرة على إظهار ما يدور داخل هذا المطبخ، ليس فقط لجهة محتوى المؤامرات الجاري تحضيرها أو إعادة تحضيرها، ولكن أيضا لجهة نظام اللغة “البغيض”، وهو النظام الذي يتولى فريق واسع من آل سعود تعميمه على نطاق واسع داخل السعودية والبحرين على وجه الخصوص، فيما يصف ذلك بعض المحللين بأنه استنتاخ لأكثر من “سبهان” في الرياض والمنامة، حيث يعتقد “السعوديون بأن المواجهة المقبلة تتطلب جيشا من السبهانيين”.

في هذا السياق، وفي سياقات أخرى، يمكن وضع آخر تغريدات “البوق الخليفي”، كما يحلو للمعارض البارز سعيد الشهابي وصف وزير خارجية آل خليفة، خالد أحمد. فالأخير، كما يُلاحظ متابعون، بات متدرّباً على نحو جيد على فنون “السبهنة”، وهو يحفظ بشكل “متمكن” الدور “السبهاني”، وبالألفاظ والعبارات والتكييفات والتبريرات والعنتريات التويترية ذاتها التي عُرف بها السبهان “السعودي”. والخطوة “المتقدِّمة” في مبادرة خيانة أولى القبلتين؛ كانت واضحة في تغريدة خالد أحمد الخليفة الذي اعتبر فيها القدس “قضية جانبية”، وبالمقارنة مع العبودية التي أبداها لترامب. في هذه المعادلة لا يغيب عن الانتباه الدرس السبهاني الذي جرى تعميمه عبر كتّاب سعوديين وجيوش الذباب الإلكتروني، حيث بدأ وعلى نحو واسع وعلني – وبكثير من الوقاحة – “الاستخفاف بقضية القدس وفلسطين، والهجوم على الجماعات والدول التي تحمل شعار المقاومة من أجل تحريرها”، وبالتوازي مع تطبيع متدرِّج مع إسرائيل، ونعومة في التخاطب معها، وفي مقابل الشيطنة واللعنات والتكفيرات التي لا حدّ لها ضد إيران ومحورها الممانع.

ما لا يتعلمه العبيد – سواء ممّن يحمل حقيبة وزارية أم مجرد منصب وزاري لشؤون الخليج أو “الهريج” – هو أن الأدوات لا يمكنها أن تؤدي وظائف دائمة، أو إستراتيجية. فما كانوا يفعلونه ويقولونه في الأمس، هو غير ما يحصل منهم اليوم، وما سيكون عليه حالهم في الغد هو مختلف تماماً عمّا يحاولون الظهور به هذه الأيام. إن منْ يرضى أن يكون “زعطوطا” و”ذيلا”؛ ليس بالمستطاع أن يفعل أكثر من الصراخ، وبعضا من الأفعال “النتنة” التي تذهب مع أصحابها مثل زبد البحر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى