الخليجتقاريرما وراء الخبر

متابعات: الموقف الإيراني من “عجرفة” آل سعود.. السعودية لا تسقط إلا من الدّاخل

92015260023751

البحرين اليوم – (خاص)

 

متابعات

ما وراء الخبر

 

 

 

بالسخرية تارة، وبالتّهديد المباشر تارةً أخرى، تعاطى الإيرانيّون مع السلوك السعودي العداوني الذي بدأ بالبحرين في مارس 2011، وانتهى إلى التلويح المعلن بإرسال قوات بريّة إلى سوريا. وفي كلّ الحالات، لا تتقدّم إيران خطوةً ملموسة باتّجاه خطّ النّار التي يُشعها السعوديون، مكتفين باللعبة الإستراتيجيّة المعروفة: “دعه يحترق بالنار التي يُشعلها”، وفي حين أنّ نتائج هذه اللعبة لا تظهر بسرعة، فإنّ الخارجين بنجاح من أطول مفاوضات حول “النووي”؛ يستفيدون من صبْر حياكة السّجاد، ليراهنوا على الآثار المرجوّة التي لا تأتي إلا بعد تراكمٍ طويل.

بخلافِ ذلك، فإنّ السّعوديين لا يصبرون على حالهم المليء ب”التشظي”، ويفضّلون الإندفاع بسرعة نحو الخصوم و”الأعداء”، ويجدون في ضيْق المسافات واشتداد الهزائم وانسداد “الأفق”؛ دافعاً لإعلان المواقف على نحو سريع ومتتالٍ، وبسرعة “التحالفات” التي يُعلَن عنها، دون إخطار الحلفاء الصّغار.

الشّعورُ السعودي بالخطر لم يعد خافياً على أحد. هم يُعلنون كلّ يوم بأنّ تهديداً جدياً يأتي من إيران، وأصبح الخطاب السعودي الرسمي واضحاً في اعتبار طهران “راعية للإرهاب”، وأنْ لا مجال للحديث معها، أو قبول “مبادرات الصلح” معها، كما قال وزير الخارجية عادل الجبير. وحيث يجد السعوديون في آل خليفة تبعية عميقاء متحققة دون طلبٍ مباشر، فإنّهم يبادرون لطلب الاصطفاف المؤيد من الإماراتيين والقطريين، فضلا عن الأتراك والمصريين.

الرد الإيراني دائماً، وفي كل الاتّهامات، يغيظ آل سعود. ويرى محللون بأنّ هذه الطريقة “الإيرانية” في إغاضة السعوديين هو الحل الأمثل، والأقل “كلفة”، ومن شأنه أن “يفجّر” النظام السعودي من الدّاخل، عبر اضطرار النظام للجوء إلى المزيد من “الحماقات الداخلية، والتورط في الأزمات خارج الحدود”.

يتأسس هذا الفهم على قراءة تتبناها أوساط سياسيّة في إيران وخارجها، ومفادها بأن السعوديين سيجدون “الفرصة الذهبية” في حال حصول “اشتباك فعلي وحقيقي مع الإيرانيين”، مشيرين إلى أن آل سعود “يتمنون هذه الفرصة وينتظرونها على أحر من الجمر”، لأنها ستُتيح لهم الاستخدام الأوسع، والأكثر وضوحاً وفاعلية، لأداة “الطائفية”، والتي يُعوّل عليها آل سعود في تأمين “وجودهم والحفاظ على تماسك نظامهم، وعبر تأمين الاصطفاف الطائفي الذي يحمي هذا النظام”.

المناورات العسكرية التي تجري، وستجري الشهر المقبل، على الحدود الشمالية للسعودية، بمشاركة أردنية ومصرية وباكستانية وغيرها، ليست بعيدة عن الدّور المناط بالسفير السعودي الجديد في العراق، ثامر السبهان، الذي أطلق منذ استلامه المنصب رسمياً قبل نحو شهر، سلسلة من التصريحات التي تدفع لإشعار التوتر المذهبي في العراق، فضلا عن فتْح الدائرة على جماعة بارازاني الذي زار منطقة الخليج، وبينها السعودية، في نوفمبر الماضي، وأجرى لقاءات مع السعوديين للتفاهم حول “الدور السعودي” المقبل في العراق. وهو دورٌ يتحرك على خلفية مواجهة إيران، من خلال “الوسيط الطائفي” الذي وجهه السبهان ابتداءاً عبر الهجوم على قوات الحشد الشعبي، والمتابعة التي قامت بها الصحافة السعودية لدور السبهان، وحديث الصحافي السعودي جمال خاشقجي عن امتنان لهذا الدور “المؤثر”.

دخول آل سعود سياسياً في العراق، وإعلان النية للدخول العسكري في سوريا يعني في المجال السياسي حصول المواجهة الفعلية مع إيران وحزب الله. وهما – بحسب التصنيف السعودي – إرهابيان، ويحملان “المواصفات” الكاملة لاعتبارهما “العدو المكتمل” للوهابية السعودية. ومن اللافت أنّ السعوديين “يندفعون” أكثر فأكثر في “تفعيل” هذه الرؤية، كلما “تحاشى” الإيرانيون الشباكَ التي تُنصب لهم سعودياً، سواء في البحرين أو اليمن، أو في داخل السعودية من خلال كارثة منى أو إعدام الشيخ نمر النمر. وهو ما يُعزّز نظرية “الاستدراج السعودي” التي تعرف إيران كيف تتحاشاها، على الأقل لكي لا تخسر مكاسب “الصبر الإستراتيجي” الذي هيّأ لها العودة إلى المجتمع الدولي بعد تنفيذ الاتفاق النووي.

ولكن، هل يمكن أن يفلت زمام الصّبر من الإيرانيين، أو من حلفائهم، وخاصة حزب الله الذي غيّر دخوله إلى سوريا المعادلات الميدانية، وأفشل المخطط السعودي هناك؟ تفاصيل لعبة “التحاشي” تقول بأنّ “غض الطرف” يكون فقط في الظاهر، وفي المناطق التي يمكن المناورة فيها، أما في مناطق “الموازين الكبرى”؛ فإنّه لا خيار بين الفرْجة والمواجهة.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى