ما وراء الخبر

ناصر وخالد: صبيّا آل خليفة المراهقان.. وآخر صنائع القهر والفساد

 

البحرين اليوم – (متابعات)

في الحقائق، فإن الرياضة كانت واحدة من أهم المسارح التي يفضّلها مرتكبو الانتهاكات لتبييض صورتهم السوداء. فالرياضة واحدة من فعاليات الحياة الأكثر متابعة وشغفا من الناس، وشعبيتها تشمل الجميع، بمختلف المستويات والأعمار، وهي بالتالي خير وسيلة للنفاذ وامتصاص الأحاسيس. وفي الوقائع، فإن الولديْن المدللين للحاكم الخليفي حمد عيسى، ناصر وخالد، يبدوان في حاجة دائمة، ومتسميتة، للتأكيد على جمالهما الخارجي وتأنقهما المفرط في المظهر – كما يفعل المراهق الذين يكتشف للتو بروز بعض علامات الرجولة فيه – وهو شغف تربيّا عليه ببركة اختلاط دمائهما، خاصةً، بسلالات القبائل التي طالما لحقتها عُقد الظهور والإبراز والفتك. وهذا الصبيان يفعلان ذلك – كما هي سيرة النّسخ الجديدة من مرتبكي الجرائم- من خلال ممارسة الرياضة وإحراز البطولات الوهمية فيها، وهي واجهة تُتيح لهما ضخّ المزيد من الاستعراض، وتوسيع العضلات، وبما يُتيح أيضا إخفاء الأفعال البشعة التي يتورطان فيها، وخاصة في ملف حقوق الإنسان، وهي الأفعال التي يمضيان فيها أسوة بأبيهما وبديناصور آل خليفة ومُفسدها الأكبر، خليفة سلمان.

وفي حين تغرق البلاد في أزمة اقتصادية ومالية يحذّر الخبراء من تداعياتها الخطيرة، إلا أن صبيان آل خليفة يواصلون هدر ما تبقى من خزينة الدولة على ألعابهم الخاصة وتساليهم التافهة وعلى فرقهم الرياضية المزوّدة بالمرتزقة والمجنسين من كينيا وحتى الشيشان. ولكن الصبيان لا يعنيهم كل هذا الخطر الذي يهدّد الدولة والمواطنين؛ فالبرلمان الخليفي كان على استعداد اليوم الثلاثاء ٧ نوفمبر ٢٠١٧ أن يبصم على الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون، وأن يؤيد الحكومة الخليفية في ضرائبها التي تحلّ على رؤوس الناس، وليكون الفقراء هم الضحية الأولى والأخيرة. فالضرائب التي ستتالى على البحرانيين؛ لن تمسّ نعيمَ آل خليفة الذي يمدُّونه بالفساد وبالسرقات التي لا تخفى على أحد، بمنْ فيهم أولئك الذين ينزلون هذه الأيام في “فندق “الريتز كارلتون” بالرياض. ولهذا السبب، لم يُؤخذ بنصائح الخبير والمعارض إبراهيم شريف لوقف التمويل عن “ألعاب النخبة” وتخصيصها، ولا عن تقليم الإنفاق العسكري المتهور، بل على العكس، كان ناصر وخالد حريصان على مواصلة سرقة أموال الدولة وإنفاقها في معارض السلاح وتصميم الآليات العسكرية “الخارقة” وإبهار العالم بها، كما حصل في المعرض الأخير الذي أُقيم في أكتوبر الماضي، وحرص الصبيان خلاله على أن يكونا نجمين زائفين فيه.

لماذا يفعل الخليفيون ذلك؟ الإجابة يسيرة: “نخبة الفساد” ترى في تنعيم صبيانها وتدليلهم جزءا لا يتجزأ من ممارسة “السيادة القسرية” على هذه الأرض التي يرفضهم أهلُها. هو شكل من أشكال الإصرار على إبداء الكراهية للوطن وللمواطنين، كون آل خليفة لم يشعروا يوما بالانتماء الوطني، وكانوا على الدوام لواحق بالخارج، أو بقايا غزوٍ يحنّ إلى الرجوع إلى أصوله المجهولة في صحراء شبه الجزيرة العربية. هم يفعلون ذلك بنحو ثابت في أصول تربية الأبناء وعبر إمتاعهم بالألعاب والتسالي وعلى حساب عيش المواطنين وميزانية الدولة، وجيلا بعد جيل. وليس دعاية أو ضربا في الخيال أن إمتاع هؤلاء الصبية يكون إرضاءا لهم وتلبية للأحلام التي كانوا يحكونها لأهلهم وهم يلهون صغارا في حدائق القصور، بدءا من سلمان حمد الهاوي للفورملا ون، ومرورا بفيصل حمد الذي توفي في حادث سرعة وكان يُراد تصعيده في سباقات القدرة ورئاسة الفرق الرياضية، وانتهاء بناصر وخالد حمد اللذين خُصّص لهما كل الدلال وكل “الميزانيات” من أجل أن يفردا عضلاتهما في رياضات القوة والقتال والرجل الحديدي، وفي ألعاب البر والبحر والجو، لكي يخطفا الأنظار ويحطّما الأرقام ويُعيدا أساطير الأولين والآخرين، من “جلجامش” إلى “رامبو”!

من طرائف الأمور أن آل خليفة مولعون بما يحصل في السعودية. وهو، بلا شك، ولَعُ التابع الذي يُنتظر منه – مثل الآلة – أن يؤيد ما يصدر من عرش آل سعود، ولو كان الجالس على العرش صبيّاً يُحرّكه من واشنطن عجوز مجنون وشابّ محتال. صفّق الخليفيون لـ”سكاكين” محمد بن سلمان المسلطة على الأمراء والأثرياء “الفاسدين”، وكرّروا الجملة المحنطة في التعظيم والتمجيد للشقيقة الكبرى. ولكن، لماذا لا يسأل أحد: “لماذا لا يفعل آل خليفة فعل سيدهم السعودي الصغير؟”، أو بالأحرى علينا أن نتخيّل سؤالا معكوسا: “هل سيفعل آل خليفة السيناريو ذاته الذي أُنيط بالثلاثيني ابن سلمان القيام به، أو القيام ببطولته؟”. ما دام الأمريكيون أعطوا الضوء الأخضر لـ”الشباب” والمراهقين في الخليج لإظهار مواهبهم في “هدم الدول”، فإن من حقّ مراهقي آل خليفة أن تُتاح لهم الفرصة كذلك! بالطبع هذا محض وهم، فحال آل خليفة يُشبه حال العصابة التي توثق بينهم عهد الجريمة، وليس هنالك من فاصل أو مساحة للافتراق أو للحديث عن أفرقاء داخل هذه العصابة. ولذلك، فإن إغداق كل أموال الدولة على ملاهي ناصر وخالد هو قرار جماعي من آل خليفة، لأنهم يرون فيهما نموذج التربية الكاملة التي ترعرع فيها كل فاسد ومفسد خليفي، إلا أن “الشقيقين الأبلهين” أصبحا متوفرين أكثر من غيرهما على أكمل مواصفات المجرمين “الجنتمان”. والمطلوب بحسب طبيعة سَيْر أنظمة القبائل المستحدثة؛ هو إبراز هذه التربية وتعميمها لتُضمن الحماية للجميع من اللعنات ومما قد يتلوها من ردود أفعال لا تُحتمل. وهذا التظهير تتكفل البطولات “الرياضية” به وعلى النحو المناسب.

في ١٢ و١٩ نوفمبر الجاري، وعلى ملعب مدينة خليفة الرياضية؛ يتوافد أكثر من ٣٠٠ رياضي في الفنون القتالية لإطلاق بطولة العالم للهواة في فنون الدفاع عن النفس، والتي قال الاتحاد الدولي لهذه الفنون أن خالد حمد كان وراء تنظيمها في البحرين هذا العام، حيث أسّس الفريق الخاص لهذه الفنون في البحرين باعتماد أساسي على شيشانيين جرى استجلابهم للبلاد، وتوفير أموال طائلة ورواتب شهرية مجزية لهم لتأسيس الفريق، وتمثيل البلاد في المباريات. وستكون البطولة، بالطبع، برعاية الصبي الآخر، ناصر، والذي تسلط الأضواء عليه في كل مرة باعتباره مطلوبا للعدالة بتهم ارتكاب التعذيب بحق سجناء سياسيين، وقد رفعت منظمة “أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” رسائل إلى وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين بهذا الخصوص، ودعت لوقف منح ناصر التأشيرة الدبلوماسية إلى واشنطن بسبب سجله الحقوقي السيء.

نصور خلود

وفي متابعته للبطولة، نشر موقع “بلودي ابليو” الرياضي تقريرا سلط فيه الضوء على “الجدل” الذي يُثار على خالد وناصر على صعيد ملف حقوق الإنسان، لاسيما وأنهما عسكريان ومن أبناء العائلة الحاكمة، وقد شاركا علناً في الانضمام إلى القوات الخليفية التي تنخرط ضمن العدوان السعودي ضد اليمن. إلا أن التقرير لفت على وجه الخصوص إلى التقارير المتواترة التي تخص ناصر حمد، وخاصة بعد اندلاع احتجاجات ٢٠١١م، وأشار إلى أن مشاركات ناصر الرياضية زادت على نحو خاص بعد هذه الاحتجاجات، في حين أن بطولة فنون القتال للهواة المقبلة هي “أحدث إضافة إلى محفظته الرياضية المتنامية” بحسب التقرير.

وكشف التقرير أن أن موقع “بلودي ايلبو” استلم تعليقا من اتحاد فنون القتالIMMAF بشأن البطولة التي تُقام في البحرين على الرغم من التقارير الحقوقية التي تتحدث عن الانتهاكات المتزايدة فيها، واكتفى الاتحاد في التعبير عن معارضته “الشديدة” لكل أشكال التمييز والإيذاء، ولكنه قال بأنه “بصفته منظمة رياضية، فليس من اختصاصه أن يُملي القوانين على أية دولة ذات سيادة”، مجددا التأكيد على “ضمان عدم وجود أي تمييز في البطولات”.

ويعلق تقرير الموقع بالقول بأن الحكومة في البحرين “لا تخضع فعلا لعقوبات أو للحظر” رغم أن “تاريخها في العنف والتمييز ضد سكانها من الأغلبية الشيعية، موثق جدا”.

وأضاف التقرير في الختام “تستعمل العائلة المالكة (في البحرين) الرياضة من أجل التغطية على الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، وتقدّم ذلك واجهة استقرار لمن يشاهدون الأمور من الخارج. بطولة العالم (IMMAF) ٢٠١٧ هي ببساطة أحد مثال على الدبلوماسية الرياضية في الشرق الأوسط”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى