غير مصنف

الواشي الطّبال يوسف الحمدان يرفع تقريرا أمنيّا عن النشاط البحراني في ألمانيا

2016-06-16-PHOTO-00000203

البحرين اليوم – متابعات

بين يوسف الحمدان، ويوسف الحوري اسم واحد، ووطن واحد.. ولكن بينهما برزخٌ فاصل، يُشبه الحد الفاصل بين الغاز السّام والهواء الطّلق.

الحمدان، بتعريفٍ موجز وخاص، هو تكثيفٌ كاملٌ لصورةِ الفشل الكامل الذي لا يكفّ طبّالةُ آل خليفة  وأسطولُهم الكذّابُ عن تقديم أمثلته النموذجيّة. الرّجلُ المعروف بـ”الواشي” لدوره في كتابة التقارير الأمنيّة لفصْل موظفين في وزارة التربية إبان السنة الأولى للثّورة البحرانيّة، لم يجد تعويضاً عن فشله في كلّ شيءٍ وصلَ إليه بالواسطة والزّلفى؛ إلا بمزيدٍ من الإمعان في الفشل.

أرادَ أن يكون ناقدا فنيّاً، فلم يكتب إلا خواطرَ متشتتةً عليها أثرُ الميوعةِ والإفلاس. لا تذكره خشبةُ المسرح إلا بمرورٍ عابرٍ، ورصيدُه المسرحيّ يُشبه الفقاعات اللّغويّة التي ينشرها ويقول عنها – رجْماً – بأنها “شعر”. تكتملُ الفظاعةُ بعضويّته في أسرة الأدباء والكتّاب المحليّة، وهي العضويّة التي قدّمَ أوراقَ اعتمادِها إلى آل خليفة حين انسلّ من “إرثه اليساريّ” وتحوّل إلى طبّالٍ لا يهدأ في التّسبيح والتمجيد والتعظيم و”التأليه” لكلّ فردٍ من الخليفيين، صغيرا أو كبيرا. وهكذا انتهى به الحال إلى مسّاح أحذية في “دواوين” ثقافة آل خليفة وإعلامهم، وعضْواً فعّالاً في إنزال الجهْلِ والإرعاب بوزارة التربية.

في مقاله المنشور بصحيفة “الأيام”، الثلاثاء ١٤ يونيو ٢٠١٦م، يرسم لنا الحمدان، من جديدٍ، الهويّةَ الجديدة للمثقفِ المنقوع في وحْل الاستبدادِ وظلام القمع. تخصّصَ الحمدان، منذ أن باع كلَّه للتطبيل، في تعقّبِ النشطاء والوشاية ضدّهم. وجدَ نفسَه في مهنةِ التحريض الأمنيّ والتلصّص والتأليب على كلِّ منْ يتنفّس الحريّة التي لا يعرفها، ولم يؤمن بها حتّى حين كان “تقدّميّاً” يرفع راية “التحرّر واليسار”.

اختار الحمدان هذه المرّة أن يولّى وجهه جهة ألمانيا، حيث كرّس مقاله لرمي الألفاظ السّوقيّة والإساءة بها إلى الناشط البحراني يوسف الحوري، اللاجيء في برلين، شاملا إساءاته للنشاط البحراني الدّيني والاجتماعي والسياسيّ في ألمانيا، ومن غير أن ينسى إبراز جمل أخرى من الشتائم والألفاظ النابية بحقّ المنظمات الحقوقيّة وحقوقيين بحرانيين ودوليين، وبينهم الأمريكي براين دولي.

 ولأنّ المخْبِر لا يقدّم تقريرَه الأمني إلاّ معزّزاً ب”الأدلة والبراهين”، فقد حرَص الواشي الحمدان على ذكر “تفاصيل” عن أبرز النشاط العام للجالية البحرانية في ألمانيا، بما في ذلك النشاط الدّيني والشعائر، وهو إجراءٌ “أمني” يريد الحمدان أن يُثبت به لمُشغّليه الخليفيين؛ بأنه مثلهم، مليء بالطائفيّة، وأنّ “إرثه اليساري المزعوم”؛ بات مطحوناً، وهو معه، تحت أقدام أصغر جلاّدٍ خليفي، وهو ناصر حمد الخليفة. هنا لا يُصبح الواشي الحمدان مجرّد مخبرٍ “مصْكَوع”، وإنّما هو واشٍ “مثقف”، يعرف جيداً كيف يُرضي أسياده، وعلى أيّ نحو يجعل جيوبه تهتزّ بالأموال.

المقال المخابراتيّ فتحَ كلّ التدليس على النشطاء في برلين، وعلى رأسهم الناشط الحوري. ولكي يُعطي الحمدان مقاله مفعوله “الحيوي” في التسوُّل، فقد ملأه بكلّ آيات التّعظيم التقديسي التي لا يجرؤ صوفيّ على البوح بها لمريده (فضلا عن معادٍ مزعوم للظّلاميّات)، وأطلقها في مقام “تأليه” ناصر حمد الخليفة، الجلاّد الصّغير الذي يريد الجلاّدون الكبار تحويله إلى “أسطورةٍ لا تُقْهر في كلّ الميادين” لأجل إخفاء آثار الدّماء من أصابعه ومسْحِ علامات البغض والكراهيّة من وجهه. وهي أسطورةٌ لا تكتمل إلا بإغراق النّشطاء بالتّشويه والتوصيفات العدائيّة النابية.

من علاماتِ “الاحتراف” الأمني للحمدان، هو اختيارُ الوقتِ المناسب لكتابةِ التقارير وهزِّ الأرداف لأسياده. وجدَ الحمدان في تصعيد آل خليفة الأخير الفرصةَ الذهبيّة لاقتناص حظوظٍ جديدة من المناصب في الوزراةِ التي باتت مأوى للطائفيين، وللتقرُّبِ إلى ذوي الفتْك والمكرمات.

مع التّصعيد الخليفي ضد المعارضة والوجود الدّينيّ في البلاد؛ رأى الحمدان أنها فرصةٌ لفتْح “جبهةٍ موازية” ضد المعارضين والنشطاء. ولكي يُثبت حسّه الإبداعيّ في الوشاية والتّحريض؛ فقد ولّى وجهه شطر برلين، وأعاد تركيب “مسرحية المؤامرة” التي يحضّر لها النشطاء البحرانيّون هناك، بالتّعاون مع الحقوقي البحرانيّ حسين عبد الله، والحقوقي الأمريكي دولي. وقد حرّك الحمدان ذاكرته شهرين إلى الوراء؛ حيث عُقدت ورش عمل تدريبيّة في برلين للنشطاء البحرانيين في الخارج، وهي الورش التي حبكها الحمدان في إطار تقريره الأمنيّ، محذّراً من خطورتها الكبرى، وليدعو من خلال ذلك – وهنا العقلُ الابتكاري للواشي الطّبّال ـ إلى أن تكونَ هناك “اتفاقات رسميّة وأمنيّة مع الدول الأوروبيّة والآسيويّة”، بحسب تعبيره، وتشمل “عدم الترخيص للجماعاتِ الخارجة على القانون في فتْح مراكز خاصة بها هناك”. وأضاف: “إنْ سمحت بذلك، فتلك مؤامرةٌ أخرى على أوطاننا من الخارج الأوروبي، وربّما هي أكثر خطراً على أوطاننا ممن يتآمرون عليه من الدّاخل”.

بهذه اللّغة يُقدّم الحمدان نموذجاً للمثقف الواشي. هنا، هو لا يكتفي بالإبلاغ ورفْع التقارير، ولكنّه ينبّه إلى المخاطر “الأمنيّة” المحتملة، ويقترح المعالجات “الأمنيّة” العاجلة.

وكلّ ذلك مع حرْص الحمدان على إثبات ٤ صفات متلازمة في نموذجه الخاص:

١- الإفصاحُ المكشوف عن الطائفيّة والتطوّع المأجور في تعميم سياسةِ الخليفيين في تنفيذ “الاضطهاد الطائفي” الممنهج في الداخل والخارج. حيث يقول في مقاله الأمني:

– “أعتقد أنه ينبغي أن ننتبه جيدا، فعواصم أوروبا أوشكت أن تتحول إلى مراكز وحسينيات لقوى الظلام والاستقواء (…..) تمارس طقوس العزاء وتلعن في نظامنا”.

وفي فقرة أخرى يقول:

– “بات من الضرورة إغلاق مركز البحرين الثقافي الاجتماعي في برلين، إذا كان حقيقة ما تناهى إلينا بأنه بات ينظم اجتماعات وحسينيات وورش مشبوهة ضد البحرين”.

٢ـ استعمال الألفاظ النابية والتوصيفات التي تشبه تلك التي يستعلمها الجلاّدون في غرف التعذيب وداخل الزنازن. ومن ذلك هذه الأوصاف والتعابير:

ـ يخسى النذل يا بوحمد…”

ـ “عواء”، “نباح”..

ـ  “الناشطون الأوغاد”

ـ “لهاث البغال”، “قطيع الحمير”.

٣ـ معاداةُ الحريّة في كلّ مكان، وابتكار “فلسفةٍ” جديدة للحريات، ومطالبة أوروبا بالالتزام بها. ولا يتردّد الحمدان في تقديم “نقديّةٍ” لألمانيا على ديمقراطيّتها، مقدّماً تقريعاً لها على سماحها للآراء المقموعة في بلدانها بالإفصاح عن نفسها بحرية. يقول في مقاله:

ـ “وهنا أستغرب.. كيف لبرلين مدينة فلاسفة الفكر والوعي المستنير أن تقبل باستضافة رموز التخلف والجهل والإرهاب، وللأسف بشكل رسمي من جانبها”.

٤ـ التطبيل اللا محدود لمصدر “المكرمات” ولأصحاب “الأيادي”. وهذه خاصيّة جوهريّة في الواشي الطّبال، بحسب نموذج الحمدان. ففي الوقت الذي يتم إنزال كلّ المثالب والسوءات وتجميع كلّ نقاط السّواد في العالم ورميها في وجه المعارضين، يجري في المقابل تلبيس “ولاة الأمر” بكلّ العظمة والبطولة الجامعة والمانعة، وإلى حدّ العصمة والإعجاز والتأليه. وهذه صفةٌ لصيقةٌ بالسلوك التحريضي للحمدان. ولأنه متورّطٌ بتاريخه “اليساري التقدمي المعادي لـ”الظلاميّات”؛ فإنه حين يفعل ذلك فإنه يبدو مثل عجوزٍ أوشك على الموت، ولكنه يصرّ على أن يُصبح بطلا للعالم في ألعاب القوى. إنه نموذجٌ فاضح ومفضوح، ومليء بالفجاجة، ويبعث دوماً على التقزّز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى