ما وراء الخبر

انبعاث “أحصنة طروادة”.. حديث عن “مبادرات” و”انفراجات كبرى”: ماذا عن استهداف وجودنا وهويتنا؟

image

البحرين اليوم – متابعات
قال رجل الأعمال تقي الزيرة بأن هناك “أخبارا” وصفها بـ”الطيبة” تشمل “إنفراجات كبرى” ستشهدها البحرين قريبا، وذلك بحسب تغريدات نشرها على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.

الزيرة أقر بأنه كان أحد الذين شاركوا بتقديم ما وصفها بـ”بمبادرات” قبل شهر رمضان الفائت، وقال بأنه سيواصل الطريق في ذلك، وأضاف “نحن بحاجة لتقدُّم عقلاء وحكماء الوطن بمبادرات وحوارات جادة”، بحسب تعبيره.

تجدر الإشارة إلى أن الزيرة هو عضو في المجموعة الإلكترونية “البحرين مستقبلنا” التي يراد استغلال اعضائها كمطية، وسبق ل (البحرين اليوم) أن كشفت قبل نحو شهرين تفاصيل عن إدارة هذه المجموعة ضمن سلسلة تقارير تحت عنوان “حصان طروادة”، وأكدت فيها بأن “أضلاع” المشروع “الحقيقية” تستهدف الوجود الشيعي الديني (على مستوى استقلال المؤسسة الدينية، والهيمنة على فريضة الخمس) والوجود الوطني المعارض (من خلال إنتاج معارضة بديلة، بعد الإنقضاض على المعارضة الحالية، وخاصة جمعية الوفاق). وكان لافتا أن أكثر ما ذكرته (البحرين اليوم) في تقاريرها المذكورة؛ بما في ذلك استهداف الشيخ عيسى قاسم وإغلاق جمعية الوفاق؛ تحقق على أرض الواقع بالفعل وبالشكل الذي ورد في التقارير، رغم ما أثاره البعض وقتها من “تشكيك” بمصادر (البحرين اليوم) والزعم بأن المعلومات الواردة فيها مجرد “أوهام” أو “مبالغات”، إلا أن الوقائع الجارية أثبتت صحة ما ورد في مسلسل التقارير تلك، وخاصة مع التصعيد الخليفي الجديد الذي بدأ مع شهر يونيو الماضي، وحتى اليوم.

بالعودة إلى “تغريدات” الزيرة، فإنه قال بأن “الأوضاع الحالية هي سحابة صيف ستمضي، وتعود البحرين واحة للخير والسلام”، متحدثا عن “مبادرة لتوجُّه وفد” ممن وصفهم ب”عقلاء وحكماء البحرين”، وذلك “من مختلف المدن والقرى” للقاء من وصفها ب”القيادة” للعمل على “طي صفحة صعبة، وفتح صفحة الرخاء والأمن والسلام”، بحسب تعبيره.

ستمثل “هذه التغريدات” محلا للاختبار من أكثر من ناحية. فالزيرة رفع “سقف الآمال” وتحدّث عن “انفراجات كبرى” قريبا. وهذا يأتي في الوقت الذي بلغ فيه التصعيد الخليفي أوسع مداه، ووصل حدود الخطوط الحمراء، وهو ما يعني أنْ لا “افق حتى الآن لأي إنفراج ممكن”، وهو ما يجعل تغريدات الزيرة محاطة ب”الريبة” لجهة توقيت نشرها، والذي يضعها في دائرة مهمة “التخدير” أو “التسويق” لصالح الحرب الخليفية القائمة. وسيكون تصدُّر وجوه “أحصنة طراودة” المشهد الترويجي بعد استهداف الشيخ عيسى قاسم وجمعية “الوفاق”؛ شاهدا إضافيا على “الدور الوظيفي المشبوه” الذي تمارسه العناصر المنضوية ضمن مشروع “حصان طروادة، وتحت غطاء التهيئة لانتخابات ٢٠١٨م.

هذا الوضوح في المشهد، والإنكشاف التدريجي للأوراق، يدفع نشطاء إلى دعوة جميع الفاعلين إلى اتخاذ مواقف حاسمة من هذه “المجموعات المصطنعة”، والتي تظل “رافعة” للأهداف والمشاريع الخليفية، وبما يجعلها “أدوات لإنقاذ النظام من مآزقه المتكررة”.
وأمام ذلك، فإن خطوات “عملية” لابد أن يبادر إليها المؤثرون في الواقع السياسي والاجتماعي بالبلاد، وعلى قاعدة أن التجربة أثبتت أن “الحليف الحقيقي” للعلماء في البحرين، ولتيار “الوفاق”، هم القوى الثورية، وعموم أبناء الشعب، وقادة الثورة المعتقلون، والذين لم يترددوا في تسجيل الموقف الواضح والحاسم في الدفاع عن العلماء وعن المنهج الديني والوطني الذي يعبرون عنه.

في الموقف العملي، لا يتردد الناشطون في الدعوة لمواجهة “أحصنة طروادة” بفرض حصار اجتماعي حولهم، وإعلان قطيعة تامة معهم، داعين إلى عدم التساهل معهم أو التطبيع مع تحركاتهم “المشبوهة”، وكما هو الحال مع بقية المجموعات “الشاذة” التي ظهرت في المجتمع المحلي، وخلال فترات سابقة، والتي أعلنت عن أفكار تتعارض مع الدين والمعتقد. ويؤكد هؤلاء موقفهم الحاسم مع “أحصنة طروادة” بالإشارة إلى أنهم تخلّوا عن إصدار أي “موقف بيّن” ضد الحرب الوجودية التي باشر بها الخليفيون، ونأوا عن إبداء الاعتراض على الإجراءات التصعيدية التي قام بها النظام، كما لم يقفوا في وجه خطاب النظام الاستفزازي والطاعن في مقام العلماء وهوية البلاد الأصيلة.

ومع تثبيت كبار العلماء القناعةَ الراسخة بأن ما يحدث في البلاد هو “استهداف للوجود والهوية والمعتقد”؛ فإنّ المفترض أن يتم التجهييز المناسب لمواجهة هذه “الحرب الوجودية”، وأن تكون هناك جهوزية مناسبة “للدفاع والتحدي عن الوجود”، وجزء من هذا الاستعداد يكون بإظهار التلاحم الشعبي، وإثبات الوحدة بين العلماء والرموز، وخاصة قيادات الثورة المعتقلين، وذلك من خلال الصور الجامعة، والتظاهرات التي ترفع صور قادة الثورة وتتقدّمها صورة الشيخ عيسى قاسم، الذي يمثل رمز الهوية وعنوان الوجود الأصيل للمواطنين في البلاد.

وغير بعيد عن ذلك، فإن جزءاً من مواجهة الاستهداف في الوجود؛ يكون بوضع حدّ “فاصل وقاطع” مع “أحصنة طروادة” ومشاريعها الترويجية، وذلك لأن هذه المجموعة تعمل على تحويل الوجود الشيعي إلى “مكون هامشي” و”تابع موالٍ” لآل خليفة و”طائفة إضافية ضمن طوائف أخرى”، وتنأى في الوقت نفسه عن الإقرار بحقيقة أن هذا “الوجود” يمثل الغالبية، وأنهم الأصلاء من السكان. وهذا يشير إلى خطورة تداول المصطلحات التي تُصبح، لاحقا، مطية لفرض مشاريع الإبادة والاقتلاع، ومن هذه المصطلحات استعمال مفردة “المكون” و”الطائفة” في الإشارة إلى الوجود الشيعي أو الشعب الأصيل في البلاد، وهو ما يجب أن يكون محلا للمراجعة في إطار إعداد مشروع مواجهة الحرب الخليفية القائمة، مع الانتباه إلى أن “أحصنة طروادة” يعملون – بشكل خاص – على تفعيل ذلك القاموس التهميشي للسكان الأصليين، ولعل ظهور هؤلاء وهم “يطبّعون” مع ثفافة الإتباع والالتحاق الشيعي بآل خليفة، ويروجون للمبادرات التي تغطي على جرائم النظام وتعينه على الخروج من تورطاته المتكررة؛ يعزز (كل ذلك) من خطورة “التماهي” معهم، أو فتح أبواب “المجاملة” مع طروحاتهم المسمومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى