ما وراء الخبر

من “مملكة الكراهية” إلى “إله التوحش”.. متى يتهدم “معبد الشر” على آل سعود؟

 

البحرين اليوم – متابعات

لم تكن مجزرة آل سعود في صالة العزاء في العاصمة صنعاء يوم أمس الأحد، ٩ أكتوبر، بعيدةً عن القلق الدفين الذي ينخر في النظام الآيل نحو التفكك والانهيار. هذا الانهيار لم يعد رهين الإنفلات “المشهود” اليوم لـ”الإستراتيجية السعودية”، بل كان محط انتباه مبكر لخبراء أجانب ومنذ سنوات، وكانت منظمة فريدوم هاوس “جريئة” وهي تبني معطياتها من داخل السعودية وخارجها لتتحدث في تقرير لها صادر في مارس ٢٠١٣م عن “الانهيار الوشيك” للسعودية.

الطريقة السعودية، حتى الآن، في التعبير عن الهروب من هذا الواقع؛ يثبت النظرة المتدوالة بين الباحثين من أنّ الحكم السعودي وصل إلى ذروة الإفلاس “الوظيفي”، وهو إفلاس لا يقتصر فقط عند حدود “انقطاع” الدور التاريخي للدولة “السعودية” المحكومة بالتشظي الداخلي، ولكنه يرتبط أيضا باستشراء “الشر الوحشي” الذي يأخذ نبتته الأولى من التكوين التأسيسي لهذه “الدولة”، وهو شر لم يعد العالم يتحرج في التحذير من خطورته، والدعوة إلى مواجهة بذوره الأصليّة الماثلة في التحالف “السعودي الوهابي”، وذلك على النحو الذي تترجمه المواقف والتحليلات والتصريحات التي تصدر في أوروبا والولايات المتحدة، حيث ترتبط هذه الدول بمصالح إستراتيجية مع مملكة آل سعود.

المشهد التدميري الذي يشوه الوضع الإنساني اليوم، يرتبط مباشرة بالسعودية، فأضلاع الحروب العبثية التي تتحرك في المنطقة تتقاطع مع السياسات السعودية التي وصفها تقرير الاستخبارات الألمانية الشهير قبل عامين ب”الاندفاعية” والتي تهدد “أمن واستقرار المنطقة”، وخاصة مع مجيء سلمان على رأس الحكم قبل عامين، وتولي ابنه محمد زمام “الترهل” الذي يتلبس بالبلاد وأمورها.

الباحث البحراني سعيد الشهابي يرسم هذا المشهد في مقاله بصحيفة “القدس العربي” اليوم الاثنين، ١٠ أكتوبر، وهو يضع خارطة الحروب التي تعجّ في أبرز المدن العربية اليوم، وكيف أن الحكّام يشعلونها بمعزل عن إرادة الشعوب، وفي الوقت الذي تدفع هذه الشعوب أثمانها الباهظة. وفي حين تتعدد القراءات بشأن أسباب هذه الحروب، وحصّة الأطراف الإقليمية في الوقوف وراءها أو التسبّب في ديمومتها؛ إلا أن “الوحشية السعودية” (وملحقاتها) تبقى حاضرة في كلّ هذا المشهد المعتم، والدموي، ليس ابتداءا من البحرين واليمن، ولا انتهاءا بسوريا ولبنان والعراق. ولذلك لم يكن خارج المتوقع أن يجمع باحثون على أن السعودية هي منْ يُشعل نار التطرف والإرهاب في أصقاع العالم، كما سجل ذلك أكاديميون ودبلوماسيون غربيون في تقرير نشرته نيويورك تايمز في سبتمبر الماضي، وهي “حقيقة” قدّم مؤلف كتاب “مملكة الكراهية”، دور غولد، وقائع ووثائق كاملة حولها، وبما لا يتعسر معه الانتهاء بخلاصة أن آل سعود هم الوجه الآخر لعملة “الشر” التي تهدّد أكثر من منطقة في العالم بالفوضى والخراب.

الشحنة النارية التي تسكن في آل سعود تقول، للأسف الشديد، بأن مجزرة صنعاء الأخيرة، وتمويل “التدمير الذاتي” – بحسب وصف نعوم تشومسكي – في سوريا، وصناعة نظام فصل طائفي ممنهج في البحرين (كما يقول المستشار الحكومي السابق صلاح البندر)، وتسميم آبار التسامح والتعايش والتعددية في العالم العربي والإسلامي.. كلّ ذلك لن يكون خاتمة “الفظائع” التي تتم صناعتها في السعودية وتصديرها للعالم، وذلك لسبب بسيط وهو أن الحكام السعوديين يديرون وجودهم كله وفق تعاليم “إله التوحش” – بحسب عنوان كتاب قيد الطباعة للباحث البحراني علي أحمد الديري – وهي تعاليم تحضّ آل سعود على إنعاش شرايينهم الميتة بدماء الآخرين البريئة، وتغذية أنفاسهم المتهالكة بإشعال الحرائق في كل الجهات.

ولكن، في الجهة الأخرى، فإنّ مجريات الأمور حتى الآن تنبيء أن “معبد الشر” الذي يشيده السعوديون بدأ بالتشقق والتداعي، ومن البيّن أن انهياره لن يكسر رؤوس آل سعود فحسب، ولكنه قد يمحو كل القبائل والأحلاف التي صنعها المال والدعم السعودي على مدى العقود الماضية. ولكن متى سينهار هذا المعبد؟

يقول أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بأن “الدم اليمني الثائر” سوف يكون له إسهام كبير في الخلاص من شر آل سعود، وأوضح في خطاب عاشوراء قبل يومين، وهو يعلق على مجزرة صنعاء، بأنّ هذا الدم “سينتصر على سيف القتلة والإرهابيين” الذي يشهره السعوديون على الجميع. وقد اختار السيد نصر الله عنوان “نصرة اليمن” للمسيرة العاشورائية الحاشدة التي ينظمها الحزب يوم العاشر من المحرم، في إشارة “رمزية” للمظلومية غير المسبوقة التي يمثل اليمن إزاء الجرائم السعودية. هذا الاختيار، وفي موسم عاشوراء، يعطي علامات على أن آل سعود يواجهون هذه الفترة “الضيقة” مخاطر أكثر جدية، وأكثر حسماً، على وجودهم من بوابة اليمن التي يُنتظر منها “مفاجأة” في أي وقت ردا على مجزرة صنعاء. يتعزز هذا الاعتقاد مع استذكار التاريخ “الشائك” بين اليمن و”السعودية”، والمتطلبات أو المحفزات التي تلقي بظلالها على اليمنيين لأخذ “الثأر” من آل سعود، وعلى نحو يُشبه طريقة المختار الثقفي وثورة التوابين.

انهيار “معبد الشر” على آل سعود وأتباعهم ليس معلوما متى يتحقق بالكامل وعلي نحو “التحديد”، ولكن كلّ الخطوط والعلامات تقول بأن ذلك ليس ببعيد، ولاسيما بعد أن تحققت أهم المقدمات المادية والمعنوية. فلا يختلف كثيرون على خطورة هذا “المعبد”، كما أن آثاره الشريرة طالت الشرق والغرب، في حين أن قدرة آل سعود على الهروب أو ابتلاع “السم” لا فائدة منه الآن، إضافة إلى أن “الأدوات” التي تستعملها السعودية لحماية نفسها وإبعاد الأذى عنها؛ أصبحت “خاسرة” أو “ملفسة” وعديمة الجدوى، وخاصة أداة المذهبية الفوضى الطائفية، وأداة “المال النفطي” الذي يأخذ في التآكل التسريع من جهة، والانتزاع القهري من جهة أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى