غير مصنف

عاشوراء البحرين ٢٠١٦م: وسائل متنوعة في تحدي “حرب الوجود”.. وحصار مستمر لـ”يزيد العصر”

البحرين اليوم – (متابعات)
وظف المواطنون والقوى الثورية المعارضة في البحرين هذا العام عددا من الوسائل والفعاليات لتأكيد حضور الثورة وأهدافها خلال مراسم عاشوراء والبرامج الحسينية التي تعم مختلف مناطق البلاد. وكان اهتمام الأهالي في هذا الموسم معنيا بإظهار موقف “التحدي” و”الصمود” بسبب تزامن الذكرى مع الحدث الأبرز القائم، وهو المخطط الخليفي الذي بدأ باستهداف آية الله الشيخ عيسى قاسم، وسحب جنسيته في يونيو الماضي، واستمر مع المضي في محاكمته بتهمة أداء فريضة “الخمس”، وهو الأمر الذي واجهه الشيخ قاسم والعلماء بتأكيدهم أن السكان الشيعة يتعرضون “لاستهداف” يطال عقائدهم وشعائرهم وهويتهم.

وكان الرد الشعبي والعلمائي سريعا في الدفاع عن الشيخ قاسم عبر تنظيم الاعتصال المفتوح في محيط منزله ببلدة الدراز، في حين عمد الخليفيون إلى محاصرة البلدة حتى اليوم، وتشديد الخناق عليها بإغلاق مداخلها وإجبار الأهالي على الدخول من مدخل رئيسي تتمركز فيه القوات والمدرعات الخليفية، فيما اتسع نطاق الانتقام وتشديد الحصار بوضع حواجز إسمنتية جديدة، ومنع إقامة صلاة الجمعة في جامع البلدة (الإمام الصادق) والذي يحتضن الجمعة الأكبر في البلاد، واستمر حتى المنع على مدى أسابيع متتالية (١٣ أسبوعا) وسط استنكار علمائي شديد اللهجة، حيث اعتبروا منع إقامة الصلاة “منكرا يجب إنكاره”.

كان حدث استهداف الشيخ قاسم، بكل تداعياته ومظاهره، حاضرا في فعاليات عاشوراء في البحرين، وقد استمر المواطنون خلال موسم عاشوراء في التعبير تضامنهم مع الشيخ قاسم، من خلال رفع صوره في التظاهرات وفي مواكب العزاء وفي التجمعات المركزية للمواكب، بما في ذلك العاصمة المنامة التي أصر المواطنون على الاحتشاد فيها، وشاركوا في المواكب العزائية المركزية التي انطلقت منها، وفي الفعاليات التي تواكبها، ومن ذلك الفعاليات ذات الطابع الثوري.

في هذا التقرير، رصد لأهم الوسائل والمظاهر التي شهدها الموسم هذا العام، وكيف وظفها البحرانيون في تحدي “الحرب الوجودية” التي أخذت مداها المتصاعد منذ شهر يونيو وحتى اليوم.

2016043241
– شعارات موحدة: القوى الثورية وعلماء البحرين
في هذا العام، اختارت القوى الثورية المعارضة (التي تضم أحزابا وتجمعات تشكلت منذ ثورة ١٤ فبراير ٢٠١١م، ويجمعها العمل المشترك من أجل تحقيق الهدف الشعبي الداعي لإسقاط النظام الخليفي) شعار “هيهات منا الذلة” ليكون شعارها الموحد للفعاليات الخاصة بموسم عاشوراء، وأوضحت القوى في بيانها بالمناسبة بأن هذا الشعار يعكس الموقف الشعبي الشبيه بموقف الإمام الحسين بن علي الذي واجه حربا في الهوية واستهدافا لا يختلف عن الاستهداف الوجودي الذي يخطط له آل خليفة ضد السكان الأصليين في البحرين.

ومن جانبهم، اختار علماء البحرين شعار “إني أدافع أبدا عن ديني” ليكون عنوانا للفعاليات والمواكب والإحياء العاشورائي، وقد طُبع الشعار على خلفية تُظهر صورة ظلالية للشيخ قاسم. ويعبر الشعار عن الموقف العلمائي والشعبي المؤكد على الدفاع عن هوية البلاد وعقائدها، والتي يرمز لها الشيخ قاسم وما يمثله من مواقف سياسية ودينية.

وقد استمرت القوى الثورية هذا العام في إصدار مطبوعاتها ومنشوراتها الإعلامية في موسم عاشوراء لنقل مواقفها وتحليلها لأبعاد ثورة الإمام الحسين بن علي وتسليط الضوء على الواقع المحلي. إئتلاف الرابع عشر من فبراير أصدر العدد السادس من نشرته “زاد الثائرين”، كما أصدر تيار الوفاء الإسلامي مطبوعته التي تحمل عنوان “نشرة الثورة”.

cunf6zixyaafq8v ‫-‬ اعتصام الدراز: إحياء ليالي عاشوراء‬

واصل المعتصمون في محيط منزل الشيخ قاسم بالدراز اعتصامهم المفتوح، وحرص المنظمون على إحياء ليالي عاشوراء في موقع الاعتصام طيلة الموسم العاشورائي. وكان لافتا حجم الحضور الشعبي الواسع في هذه الليالي، الأمر الذي أغاظ آل خليفة ودفعهم إلى تشديد حصارهم على البلدة من خلال تضييق الخناق في نقاط التفتيش ومنع الخطباء من دخول البلدة لإحياء مجالسها الحسينية، كما زاد القوات الحواجز الإسمنتية في الحواجز والكمائن التي تتمركز فيها.

وخلال مجالس الإحياء في موقع الاعتصام، واصل المواطنون إقامة الصلوات جماعة ومجالس الدعاء الجماعية، وتم رفع الإعلام الحسينية بكثافة، إلى جانب صور المعتقلين والشهداء، كما طُبعت العديد من المنشورات واليافطات التي تربط بين الحدث المحلي ودروس عاشوراء. وفي ليلة العاشر من المحرم، جُهزت المكان للاستماع إلى الخطاب العاشورائي المعتاد كل عام، والذي ألقاه هذه المرة الشيخ حسين الديهي من مكانه في العاصمة اللبنانية بيروت.

ba7renamen
– تعديات على عاشوراء: “يزيد العصر”.. و”حمد تحت الأقدام”

مع دخول موسم عاشوراء؛ تعمد النظام إلى المسارعة في التعدي على الأعلام والشعائر الحسينية في البلدات البحرانية. ورغم أن هذا التعدي الخليفي ليس الأول من نوعه، وتكرر في المواسم السابقة، إلا أن أجواء “الاستهداف الطائفي” المتصاعدة في الفترة الراهنة؛ أضفى على تعديات الخليفيين هذا العام رسائل إضافية تنطوي على “عدم تردد” آل خليفة في المضي قدما بتنفيذ مشروعهم الرامي للقضاء على كل ما له صلة بهوية السكان الشيعة الأصليين، وبما يتصل مباشرة بالعقائد والفرائض الدينية، حيث جاء استهداف الشيخ قاسم من خلال عنوان فريضة “الخمس” التي اعتبرها النظام شكلا من أشكال “غسل الأموال”؛ متصلا بالتعديات على شعائر إحياء ذكرى الإمام الحسين، ومساعي النظام الجدية من أجل “تشويه” هوية عاشوراء مستثمرا في ذلك فئة شيعية ضئيلة ترتبط به وبمصالحه وخاصة من العاملين فيما يُسمى بإدارة الأوقاف الجعفرية.

وفي هذا العام، خطى المشروع الخليفي خطوة أخرى من خلال إضفاء “الشرعية” و”القدسية” على الحاكم الأموي، يزيد بن معاوية، واعتبار انتقاده وتجريمه “مساسا لرمزي ديني، وتعديا على ملة من الملل”، وهو ما يعكس جانبا آخر من مخطط آل خليفة والذي يتصل مباشرة بهدم كل الأسس التي يقوم عليها المفهوم الشيعي لعاشوراء الحسين، والذي يضع النهوض الحسيني باعتباره ثورة ضد الحكم اليزيدي الظالم وما يمثله من هدم للدين وقيمه الحية.

عبر المواطنون، مباشرة، عن مواجهتهم للتعدي على مراسم عاشوراء ومظاهره، واندلعت مواجهات شديدة بين الأهالي والقوات الخليفية التي كررت اقتحامات البلدات لنزع الرايات والأعلام الحسينية، وطيلة الموسم. ورغم القمع وإطلاق الغازات السامة ورصاص الشوزن؛ إلا المواطنين سجلوا حضورا ميدانيا في تحدي القوات وردعهم عن انتهاك حرمة عاشوراء. وكان من مظاهر ذلك خروج تظاهرات تحت عنوان “لبيك يا حسين” و”إلا الحسين”، كما تم تنفيذ عمليات ميدانية في بعض الشوارع الحيوية (شارع البديع، شارع ١٤ فبراير) تعبيرا عن هذا التحدي.

وفي السياق أيضا، كثف المواطنون في هذا الموسم من وصف حمد عيسى الخليفة ب”زيد العصر” و”عدو الحسين”، وأكدوا هذا المعنى من خلال توسيع فعالية “حمد تحت الأقدام” بطبع اسمه على الشوارع والدوس عليه. وقد امتدت هذه الفعالية على مختلف خريطة البحرين، بما في ذلك العاصمة المنامة ومدينة المحرق التي شهد حي الحياك فيها مسلسل التعدي على أعلام عاشوراء.

1384270287
– مواكب وتظاهرات عاشورائية: موكب الشهد.. واستعراض ثوري في المنامة

لم تنجح أجواء الإرهاب والتعدي الخليفي في منع تسيير المواطنين لمواكب العزاء هذا العام، والحفاظ على زخم الإحياء ورغم كمائن ونقاط التفتيش التي انتشرت في الشوارع، وخاصة ليلة العاشر من المحرم، إلا أن الإصرار كان واضحا بين الأهالي على تقديم أوسع وأكبر إحياء لعاشوراء، وخاصة في تنظيم المواكب المركزية في العاصمة المنامة، كرباباد، السنابس، الديه، عالي، مدينة عيسى، وغيرها.

وإضافة إلى الحضور الشعبي في مواكب العزاء، كان للمجالس الحسينية دورها المعتاد في بث الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي، وقدم عدد من الخطباء مجالس أكدت على مفاهيم العزة والكرامة، ومواجهة الظلم، وبقية الدروس التي تتميز بها مدرسة كربلاء والتي تتلاقى مع أجواء الثورة وفعالياتها. وقد حرص المواطنون في البلدات على تكثيف الرايات واليافطات التي تربط بين ثورة الإمام الحسين وثورة البحرين ومظاهرها، ورُفعت الأعلام التي حملت صور الشهداء ومطالب الثورة على امتداد الشوارع التي تعبر فيها مواكب العزاء.

وكما هو الحال في كل عام، استمر المواطنون والقوى الثورية في تنظيم التظاهرات والمواكب الخاصة بموسم عاشوراء، ومن ذلك “موكب الشهيد” الذي انطلق في الثالث من المحرم ببلدة المصلى، واستمر بالخروج في عدد آخر من البلدات طيلة الموسم بقيادة آباء الشهداء. كما خرجت تظاهرات ومواكب خاصة بذكرى عبد الله الرضيع للتذكير بشهداء البحرين من الرُّضع والأجنة، وتظاهرات تحت شعار “قواسم البحرين” وربطت بين القاسم بن الحسن والشهداء الشبان في ثورة البحرين.

كما نظمت القوى الثورية تظاهرات أخرى في هذا العام، وكانت استمرارا للفعاليات التي تم تنظيمها في مواسم الأعوام السابقة، ومن ذلك تظاهرات “شهداؤنا كربلائيون” التي دعا إليها إئتلاف الرابع عشر من فبراير، كما نظم الإئتلاف استعراضا ثوريا في العاصمة المنامة خلال إحياء ليلة الثامن من المحرم، على الرغم من الانتشار العسكري في العاصمة. كذلك دعا تيار الوفاء الإسلامي إلى تظاهرات ثورية تحت شعار “التلبية الحسينية”.

واستمرت في هذا العام الفعاليات المعهودة في عاشوراء رغم الظروف القمعية المتزايدة، ومن ذلك خروج موكب العلماء في المنامة ليلة العاشر، وشارك فيه السيد عبد الله الغريفي وآخرون. كما حافظ المنظمون لفعالية “الصلاة المركزية” في العاصمة ليلة العاشر على إقامتها هذا العام أيضا، حيث احتشد المواطنون تلك الليلة في الشارع الرئيسي “شارع الإمام الحسين” وافترشوا الطرقات وتم رفع صور للشيخ قاسم والشيخ علي سلمان في مختلف الزوايا والجدران، وأقيمت الصلاة المركزية واستمع الناس إلى الخطاب السنوي الذي ألقاها الشيخ الديهي.

img_8647
– الزحف نحو الميدان: حضور ميداني بنكهة عاشورائية
حافظ المواطنون هذا العام على فعالية الزحف نحو ميدان الشهداء (دوار اللؤلؤة) وذلك في يوم الحادي عشر من المحرم، وخرجت مجموعات متفرقة ومواكب جماعية من بلدة الديه بعد انتهاء العزاء المركزي، وزحف الجميع نحو الميدان الذي وصلوا إلى أقرب نقطة عنده قبل أن تتصدى لهم القوات الخليفية التي قطعت الشارع بحشد كبير من الآليات العسكرية والمدرعات والمرتزقة، واندلعت خلالها مواجهات بين المتظاهرين والقوات الخليفية التي أطلقت الغازات السامة بكثافة، إلا أن الشبان ظلوا ثابتين في الشارع المؤدي إلى الميدان حتى ارتفاع أذان المغرب.

 

cuba0u8weaaunqf
– زيارات إبراهيم شريف للمآتم: درس هيئة الاتحاد الوطني

سجل القيادي المعارض إبراهيم شريف هذا العام خطوة نالت ثناء المواطنين والقيادات المعارضة، وذلك بتنظيمه زيارات يومية للمآتم الحسينية في معظم مناطق البلاد وطيلة موسم عاشوراء. وحظى هذا البرنامج باهتمام الجميع نظرا لكونه جاء في سياق التعدي الخليفي على شعائر عاشوراء والتضييق الممنهج لعقائد المواطنين، وكانت زيارة شريف للمآتم – وبرفقة كوادر وطنية أخرى – رسالة ضد مشروع “الفتنة المذهبية” الذي يديره الخليفيون، وعبّر شريف عن هذا المعنى حينما ختم البرنامج بزيارة مأتم بن خميس في بلدة السنابس تزامنا مع ذكرى تأسيس هيئة الاتحاد الوطني في المأتم نفسه قبل ٦٢ عاما.

 

cuwq14hxgaedmf6
– عاشوراء البحرين: من اليمن.. إلى فلسطين

كما هو الحال في بقية المواسم المركزية؛ فقد حرص المواطنون في موسم عاشوراء على تسجيل المواقف الشعبية إزاء القضايا والأحداث الخارجية التي لها صلة بالثورة المحلية، أو بالموضوعات الحقوقية والإسلامية الكبرى. وفي موضوع اليمن، وتنديدا بجريمة آل سعود باستهداف صالة العزاء في العاصمة اليمنية صنعاء؛ فقد نظم مواطنون ببلدة عالي وقفة تضامنية مع اليمنيين وعبروا عن التنديد بجرائم العدوان السعودي في اليمن.

كما استحضر الأهالي الموقف من إسرائيل من خلال تجديد التنديد بالرثاء الذي سجله وزير الخارجية الخليفي لشيمون بيريز، وخرجت تظاهرات خلال عاشوراء أحرق فيها المواطنون علم “إسرائيل” وداسوا على صور بيريز والحاكم الخليفي معا.

وفي هذا الموسم، كان للفقيد ناصر الرس حضوره أيضا في تجمعات العزاء بالبحرين، حيث رُفعت صوره، وأقيمت مجالس تأبين خاصة به في عدد من هذه التجمعات، وبينها في موقع الاعتصام بالدراز، وأكد المواطنون تمجيدهم للراحل واعتباره أحد شهداء الثورة.

hqdefault
– البحرين المحاصرة في عاشوراء: خطاب السيد نصر الله يوم العاشر
سجّل خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في يوم العاشر من المحرم (سجل) اختصارا لمشهد عاشوراء البحرين هذا العام، حيث أوضح بأن الخليفيين يفرضون حصارا على الشيخ قاسم كما فرضه الجيش الأموي على الإمام الحسين وأهل بيته وصحبه في كربلاء، واعتبر السيد نصر الله الشيخ قاسم “قائدا حسينيا” في مواجهة الحصار الخليفي، وحيّى مرابطة البحرانيين دفاعا عن الشيخ قاسم مشبها ذلك بأصحاب الإمام الحسين وأهل بيته الذين بقوا معه مدافعين حتى الموت في يوم عاشوراء.

خطاب السيد نصر الله أكد الموقف التضامني مع ثورة البحرين، وعبرت تحياته التي وجهها إلى المواطنين عن تعظيم ثابت للخيار الثوري في مواجهة آل خليفة، كما كان موقف السيد نصرالله من النظام السعودي وعدوانها على اليمن؛ غير بعيد عن موقف النصرة للثورة في البحرين، حيث أكد بأن الهزيمة المتوقعة لآل سعود في اليمن سيكون فيها خيرا للبحرانيين ولتحقيق مطالبهم المشروعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى