ما وراء الخبر

بعد أيام من مؤتمر “التسامح” في الإمارات.. منْ الذي يحمي “الطائفي المختل” ضاحي خلفان؟

البحرين اليوم – متابعات

أقامت دولة الإمارات الأسبوع الماضي مؤتمرا حول “التسامح” بتنظيم “مؤتمر حكماء المسلمين” الذي أسسته أبوظبي قبل أعوام ليوفر لها “مرجعية دينية” تشابه المرجعيات الأخرى التي يتم التصارع من خلالها حول النفوذ، من قبيل مرجعية جماعة الإخوان المسلمين (قطر)، ومرجعية الوهابية في السعودية. وكان لافتا أن الإمارات، ومن خلال الترويج المنظم والمجهود الحثيث الذي يبذله حكّامها؛ تسعى بنحو متسارع لفرض أقدامها على أكثر من محور ومنطقة نفوذ في المنطقة والإقليم، وقد دخلت باندفاع غير مسبوق في معارك مباشرة من أجل تحقيق هذا الغرض، كما هو الحال مع الملف اليمني، وقبل ذلك في الملف الليبي والمصري.

الرخاء الاقتصادي والوفرة العالية من الثروة، ونجاح الحكام الجُدد في الإمارات على إشباع المواطنين وإغراقهم في الراحة الدنيوية، وإحكام القبضة على النشطاء وعزلهم بوسائل شتى، إضافة إلى انفتاح الدولة على التجربة الإسرائيلية وعدم الممانعة من التحكم الكامل من الخارج (من الإدارة التجارية وحتى الإدارة الخارجية)؛ كل ذلك يوضح السبب الذي يجعل الدولة التي كان يحكمها “زايد” المعروف بلقب “حكيم العرب”؛ لا تكف اليوم عن الدخول في تناقضات عميقة يرجح خبراء في شؤون تحولات الدول والمجتمعات بأنها ستؤدي إلى انفجارات متعددة قد تُنهي “الأسطورة” المزعومة التي يعمل حكّامها على بنائها والترويج لها كل يوم.

2ef11de6-41d6-497a-b614-5ffecd960607ضاحي خلفان، المسؤول الأمني السابق في دبي، يعبر عن جانب من هذا التناقض. فهذا الرجل الذي تُظهر تدويناته على موقع “تويتر” وإطلالاته الإعلامية؛ بأنه قليل المعرفة وسيء الفهم لما يجري حوله، يبدو أنه “أكثر دراية” بطبيعة المشروع “غير المعلن” الذي يُراد لدولة الإمارات الانجرار إليه، ليس من بوابة “إسرائيل” فحسب، بل من البوابة الداخلية التي تتمثل في توسيع الفتن المذهبية ورعايتها بـ”أعلى مستوى” وبما لا يخطر على البال.

قبل سنوات أعلن خلفان عن مشروع لنشر التسنن في إيران، وتحدث عن ميزانية تبلغ بالمليارات لهذا المشروع، وتولى إعادة نشر كل المهاترات والشناعات التي يتم تداولها في المواقع والمنتديات المتخصصة في تداول الشتائم ضد الشيعة وذلك في ذات السياق لهجومه على إيران وحزب الله ورموزهما وبأسوأ الألفاظ وبالعبارات ذاتها التي يستعملها روّاد التكفير والإرهاب المذهبي.

ورغم بلوغ إساءاته المذهبية حدا غير معقول، إلا أنه لم يتعرض للمساءلة الرسمية، على الرغم من أن النظام الإماراتي سنّ مؤخرا قانونا لمكافحة الإزدراء بالأديان. وقال البعض بأنه يتمتع “بصلاحيات غير اعتيادية” تمنحه الحصانة من هذه المساءلة أو الملاحقة القانونية. إلا أن هناك من يؤكد بأن ما يعلنه خلفان، سواء بشأن التعديات المذهبية أو التقارب مع إسرائيل والتعزز به؛ هو جزء من المنظومة الجديدة التي يؤمن بها حكام الإمارات اليوم، وخاصة حكام دبي وأبوظبي، وأن المسؤول الأمني الذي كان يرأس شرطة دبي؛ يتولّى التعبير عن هذه المنظومة بإذن مفتوح من الحكّام أنفسهم، حيث يرون أنه الأنسب للإفصاح عما لا يمكنهم إظهاره بالكامل، حتى اليوم على الأقل.

في آخر إساءاته، نشر خلفان تغريدة تعتبر مثالا “نموذجيا” للدور الذي كان يقوم به طيلة السنوات القليلة الماضية، حيث كتب يوم الاثنين، ٧ نوفمبر ٢٠١٦م، على حسابه في تويتر: “يقول أحد الشباب الخليجيين الشيعة حان موعد زفافي على زوجتي كلما هممت بالدخول عليها منعت فعرفت أن سيد مكلف بفض بكارتها للتبرك. فخرجت بلا عودة”.

وفّرت هذه التغريدة الاستقطاب المذهبي الذي يرغب فيه خلفان، وبدأت الحسابات في تكرار التعديات والشتائم في المذهب الشيعي وعلى النحو الذي يُذكّر الجميع بأسوأ عهود الظلام التي مرّ بها المسلمون في التاريخ، ولكنه عهد يُساهم في إعادته اليوم الرجل الذي ينتمي إلى نظام لا يمل من الحديث المزعوم عن مشاريع التسامح والتنمية والدخول في العصر الجديد.

الناشط الحقوقي الكويتي أنور الرشيد علق على تغريدة خلفان وقال بأن ذلك يؤكد بأن “البلاء” الذي يعانيه العرب ينبع من داخلهم. إلا أن رئيس شورى جمعية الوفاق (المغلقة) السيد جميل كاظم تصدى لخلفان بنحو أشد، وقال بأنه “إذا الرجولة التي تعلمها على مدى ٥٠ عاما من الخدمة هي السب وشتم الأعراض والفتن؛ فبئس ما كسبت أيديكم”.
وذهب السيد كاظم بعيدا في فضح “التاريخ الأسود” لخلفان الذي وصفه ب”المرجف”، ورد عليه في سجال عبر “تويتر” وقال: “مراهقاتك الحمراء معروفة، ولياليك السوداء موثقة، فمن كان بيته كبيت العنكبوت لا يرمي دار غيره”، داعيا إياه للتحلي ب”بعض الحياء”.

وسأل السيد كاظم خلفان عن السبب في إبعاده من إدارة شرطة دبي، وأضاف “تاريخك معروف وعلاقاتك المشبوهة تزكم الأنوف”، مؤكدا بأنه سيأتي اليوم “الذي يُحاكم فيه” على “كل تخرصاته”. وحين طلب خلفان الدليل على عدم صحة ما أورده في تغريدته المسيئة، رد عليه السيد كاظم وقال “المتهتكون من أمثالك لا ينفع معهم الدليل، ومتى تسلحت بالدليل حتى تناقش وتحاور، وأنت لا تفقه إلا الانغماس في الليالي”. ولم ينف خلفان ما ذكره السيد كاظم، واكتفى بنشر “أيقونات” لوجوه ضاحكة.

وفيما دعا البعض للتبليغ عن خلفان وإساءاته، واقترح إرسال تغريدته المسيئة لمحمد بن راشد، حاكم دبي والشكوى عليه، إلا أن العارفين بطبيعة ما يجري داخل الإمارات، ومهمة توزيع الأدوار، فضلا عن أن هذه الإساءة المذهبية ليست الأولى التي تصدر عن خلفان؛ يرجحون بأن خلفان سيواصل في “المهمة” المناط به القيام بها وبحماية غير مرئية من حكام دبي وبدعم غير محسوب من الخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى