المنامة

عن استهداف النشطاء وعوائلهم في البحرين.. منظمة “إندكس” تتحدث إلى الوداعي والخواجة وآدم رجب

 

البحرين اليوم – (خاص)

نشرت المحررة في موقع منظمة مؤشر الرقابة (إندكس) كلير كوبسكي تقريرا بتاريخ ١٧ أغسطس ٢٠١٧م تناول التحديات التي يواجهها المدافعون عن حقوق الإنسان في البحرين وعوائلهم، في ظل الحملة الحكومية المتواصلة من أجل “إسكات كلّ المعارضين منذ الربيع العربي، عندما احتج عشرات الآلاف من المواطنين البحرانيين الشيعة للمطالبة بالإصلاح الديمقراطي”.

وتطرق التقرير إلى المعاناة التي تواجهها ثلاث أسر من الناشطين، حيث غالبا ما يتعرضون للمضايقات الرسمية، بما في ذلك الاحتجاز، وفقدان العمل، والضرب والتحرش. وقال التقرير “كل حالة هي قصة لوحدها في النضال من أجل الحرية”.

بدأ التقرير بالحديث عن استهداف عائلة الناشط الحقوقي السيد أحمد الوداعي بسبب نشاطه المتواصل من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين. حيث تم اعتقال والدة زوجته بينما كان يحضر اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مارس الماضي.

 

السيد الوداعي: يريدون كسرنا.. ولهذا نحن مستمرون

 

ولم يكن الوداعي، مدير معهد البحرين للديمقراطية وحقوق الإنسان، غريبا على الاعتقال. فقد تم اعتقاله مرتين في العام ٢٠١١م، وحُكم عليه بالسجن ٦ أشهر في البحرين، إلى أن لجأ إلى المملكة المتحدة في يوليو ٢٠١٢م، ليجد نفسه في فبراير ٢٠١٥م مع ٧٢ مواطنا محروماً من الجنسية. وقد احتجر ثلاث مرات في بريطانيا أثناء احتجاجه على زيارات قام بها أفراد من العائلة الخليفية إلى لندن، وآخرها في يونيو الماضي أثناء احتجاج عند سفارة آل خليفة في لندن.

sayeed-bahrain

ولم تسلم عائلة الوداعي من المضايقات، بما في ذلك زوجته وابنه الرضيع، وشقيقته أيضاً.

يقول الوداعي حول كيف يمكنه أن يواصل نشاطه في هذه الظروف “لا يمكن أن نتجاوز إلا بالالتزام معاً، والبقاء أقوياء. من المهم أن يكون لديك عائلة داعمة. احتمالات الاعتقال والتعذيب أمر يعرفونه، ويجب أن يكونوا على استعداد للتضحية”. وأضاف بأنه يعمل على الموازنة بين جهوده الرامية لإطلاق سراح والدة زوجته وبين نشاطه المعتاد، ولكنه يقول أن ذلك “أمر صعب، ولكن هذا هو الأمر الصحيح الذي يجب القيام به”.

وقال الوداعي “إن الاضطهاد أو التعذيب يهدف إلى تحقيق شيء واحد: كسر إرادتك (..) هذه هي الدولة التي يريدون أن نكون فيها. يريدون منك أن تكون مكسورا، وهذا هو السبب في استمرارنا”.

 

مريم الخواجة: نضال مدى الحياة

 

بالنسبة للناشطة مريم الخواجة؛ فهي تُبدي الاستعداد لمواصلة النضال من أجل حقوق الإنسان طيلة حياتها. عندما كانت طفلا صغيرا نشأ في الدانمارك؛ انتظمت هي وأخواتها الثلاث في مدرسة ناطقة باللغة الإنجليزية، لكن عائلة الخواجة عادت إلى البلاد بعد أن نُفي الأب والأم من البحرين.

في سن مبكرة جدا، تذكر أن والدها كان يسألها وأخواتها قبل النوم: “ماذا فعلتم اليوم لجعل العالم مكانا أفضل؟”. وقالت لـ (إندكس) إن والدها لم يكن يساعدهن على الإجابة لأنه كان يريد منهن التفكير في الكيفية التي يمكن بها أن يكون العالم كذلك. في الصف السابع أو الثامن، أدركت مريم أنها تريد أن تكون مثل والدها، أرادت أن تكون ناشطة.

كانت مريم الخواجة في سنّ الرابعة عشر عاما عندما عادت مع عائلتها إلى البحرين في العام ٢٠٠١م، وهي تذكر أن عائلتها كانت مستعدة لمواجهة التحديات، وأن شعب البحرين كان مستعدا للنضال معهم. كانت البلاد قد أصابها الإرهاق من الصراع، فيما بدأت الإصلاحات التي وعد بها “الملك” تنفذ، وفي الوقت نفسه لم يكن للنشطاء شعبية بين عموم البحرانيين.

في الكلية، تقول مريم أنها تعرضت لانتقادات من قبل زملائها عندما كانت تتحدث عن رأيها في وضع البلاد وفي عمل والدها. في ذلك الوقت سألت والدها: “لماذا تحاول تغيير وضع أناس لا يريدون تغييره بأنفسهم؟ كان رده بسيطاً: “سوف تفهمين يوما ما”.

bahrain-press-conference

عندما جاء العام ٢٠١١م واندلعت الاحتجاجات شعرت مريم بالخجل من نفسها بسبب التشكيك في نشاط والدها في الماضي.

تعترف مريم بأن نشأتها في الدنمارك جعلها تعتقد بأن النضال من أجل حقوق الإنسان سيكون سهلا، ولكن عندما اعتقل والدها مع ١٢ آخر من القيادات وحُكم عليهم بالسجن المؤبد؛ وجدت أن أسلوب الحملات ليس مجدياً.

منذ العام ٢٠١٤م لم تر مريم والدها، حيث إن هناك دعاوى ملفقة ضدها، وهو ما يعني أن السجن سيكون بانتظارها في حال عادت إلى البلاد.

مند اعتقال والدها، انخرطت مريم وشقيقتها الأكبر زينب في الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير في البحرين. تقول إن والدها له سمتان رئيسيتان بوصفه ناشطا: “مدافع شرس، ومتحدِّث ناريّ”، وأوضحت بأنها وزينب تتشاطران ذلك: فهي مدافعة، وزينب متحدثة.

بسب نشاط والدها ونشاطهما مع شقيقتها زينب، واجهت شقيقتها الأصغر سنا حرمانا من الوظيفة بعد أن تخرجت بأعلى الدرجات من كلية التمريض في البحرين. وهي تنتظر منذ ٨ سنوات من دون وظيفة. كما تم فصل والدتها من وظيفتها التعليمية في مدرسة خاصة، حيث كانت مسؤولة التوجيه فيها.

 

آدم نبيل رجب: لقد ألهمني

 

أدرك آدم رجب عندما كان صغيرا أن والده نبيل لم يكن مثل الآباء الآخرين. “لقد كنتُ مربكا جدا! لماذا يعمل والدي كل يوم، في حين أن الآباء الآخرين لديهم ساعات عمل معينة؟” يقول آدم لـ”إندكس”.

خلال العطلة كان يسأل والده أن يأخذ استراحة ليوم واحد. ولكنه يجيب: “زملائي في السجن. لا أستطيع أن أوقف عملي لأنهم يعانون داخل القضبان”.

في العام ٢٠٠٦م، عندما كان آدم يبلغ من العمر تسع سنوات؛ يتذكر بوضوح وهو يرى والده يأتي إلى البيت وهو ينزف من رأسه، مع تورم وكدمات في الظهر. يقول “لقد صُدمت، وأصابني الرعب، ولكن والدي واصل الاحتجاج، وكأن شيئا لم يكن”. ويضيف “كان هذا مخيفا، ولكن التصميم الذي رأيته فيه ألهمني بالفعل”.

Nabeel-Rajab-with-his-son-Adam-Rajab

في العام ٢٠١١م، أصبح عمل نبيل رجب معروف جيداً. ظهر على شاشة التلفزة، وكان من أوائل النشطاء الذين استعملوا وسائل التواصل الاجتماعي لدعم الثورة في البحرين. يقول آدم “أينما ذهبنا، كان الناس يوقفونه ويأخذون في التقاط الصور”. وأضاف بأن الوضع كان غريبا وصادما للأسرة: “لقد بدأ الأمر صعبا لأننا لم نستطع الاستمتاع بحياتنا الخاصة، كما كنا”.

وبوصفه رمزا قياديا في الاحتجاجات، فقد أصبح والد آدم معروفا في جميع أنحاء العالم، ولكنهم لا يفعلون شيئا يُذكر. ظل لسنوات يدخل السجن ويخرج منه. وفي ١٠ يوليو ٢٠١٧م حُكم عليه بالسجن سنتين بتهمة “بث أخبار مزيفة”.

وعلى الرغم من أن أحدا من أفراد الأسرة لم يتم القبض عليه، إلا أن والدته تعرضت للمضايقات في وظيفتها الحكومية وإلى أن فُصلت منها. كما واجه آدم وأخته مضايقة في المدرسة.

لدى آدم ووالده علاقة وثيقة جدا بحيث لم يكن السجن سهلا عليه. يقول: “لم أره منذ أكثر من عام، ويواجه المزيد من التهم التي قد تعني المزيد من الأحكام بالسجن”. ويضيف: “أجد صعوبة في التمتع بأي شيء أثناء حبسه في زنزانة وحرمانه من الحياة، ولكن كما علمني، فإن الروح هي المهم”.

يريد آدم أن يحرر والده، وأن يعيشوا كأي أسرة عادية أخرى، لكن هذا لا يمنعه عن التعبير عن فخره وقوة إيمانه بقضية والده.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى