ما وراء الخبر

“نصّور المعجزة” عضوا في مجلس آل خليفة لـ”الدفاع الأعلى”: ما بعد التطبيع مع إسرائيل

IMG-20170928-WA0016

البحرين اليوم – (متابعات)

ليس هناك ما يثير العجب والاستغراب في “المرسوم الملكي” الذي صدر الخميس ٢٨ سبتمبر ٢٠١٧م في البحرين وعيّن بموجبه الحاكم الخليفي حمد عيسى، ابنه “المدلل” عضوا فيما يُسمى بمجلس الدفاع الأعلى. باسترجاع سريع للأحداث، فإن ناصر – الذي يسخر منه البحرانيون بلقب “الطفل المعجزة” – سُخّرت من أجله الأموال وماكينات الدعاية والترويج لكي يتصدّر كل شيء وتكون بصمته “الفريدة” مطبوعة فيها. الابن الرابع لحمد بدا في كثير من الأحيان وكأنه “ولي العهد” الحقيقي، ليس لكونه يتفوق على أخيه غير الشقيق، سلمان حمد (ولي العهد الشكلي الذي لا يجيد غير ارتداء النعال والرطن باللغة الإنجليزية)، ولكن بسبب “الأضواء” القاهرة التي يُجبَر الناس على متابعتها لمشاهدة صاحب الثلاثين ربيعا وهو يحقق الانجازات الأولى في كل الميادين، حتى بات مثارا للسخرية بين عموم المواطنين، وقد دخل القطريون على هذا الخط بعد أن وجه ناصر “تهديداته” للدوحة على خلفية الأزمة الخليجية القائمة منذ شهر يونيو الماضي.

قد تكون الرياضة والألعاب المختلفة هي أكثر الأشياء التي يحب أن يلهو فيها ناصر (مواليد ١٩٨٧)، غير أن التغذية “العسكرية” التي حرص القصر الخليفي على تطعيمها لناصر كانت المادة الأساسية في صناعة “الوريث الموعود” الذي يناسب الدماغ “الدموي” لآل خليفة. مرة أخرى، ليس هناك تفوق في دموية ناصر، رغم طفوليته وصغر سنّه، عن دموية سلمان حمد أو غيره من السلالة الغازية. ولكن، وهذا أمر لابد من الإقرار به، لناصر “مزايا” عديدة تؤهله لأن يكون مناسباً لمشروع “التوريث” غير التقليدي بعد رحيل حمد أو ترحيله عن الكرسي بطريقة أو بأخرى.

بفضل التنشئة الأولى ومنذ الصغر مع حراس أبيه – وخاصة الأجانب – نجح مربّو ناصر في زرع دوافع “الإجرام” في دمائه، مع تدريبه على خطابات التهديد المختلطة بمفردات معهودة لدى التكفيريين والطائفيين. لم تقدّم أكاديمية سانت هيرست العسكرية – التي تخرج منها ناصر في أغسطس ٢٠٠٦ – أيّ إضافة على شخصيته “العسكرية”، وكان التحاقه بالأكاديمية المذكورة جزءا من الأعراف التي يتوارثها مشائخ الخليج وحكّام القمع في العالم العربي وغيره. في المقابل كان العساكر – الخليفيون وغير الخليفيين – التأثير البالغ عليه، وبعهدة خاصة من والده الذي أضفى عليه أكثر صفاته، ونجح في منحه أغلب عاداته القبيحة. المواطنون في البحرين لازالوا يتذكرون حمد حينما كان وليا للعهد، وكيف كان يحاول، بخيبة واضحة، الظهورَ بملامح “الرجل الحديدي”. لازال حمد مليئا بهذا الغرور الكاذب، إلا أن فقدانه للياقة البدنية وغلبة المرض عليه؛ لم يُتح له الفرص ليكون “رجلا حديديا” في الألعاب الرياضية، كما هو الحال مع ناصر الذي يرى فيه والده “نفسَه” وأكثر من غيره من الأبناء.

 

لذلك كلّه كان ناصر، وليس غيره، منْ تولى تهديد الناس “بإسقاط الجدران” على رؤوسهم، ردا على شعارهم بإسقاط النظام خلال ثورة ١٤ فبراير ٢٠١١م. بعد أشهر من اندلاع الثورة وبدء القمع الواسع عليها؛ مُنح ناصر الذي لم يُكمل حينه الثلاثين عاما “لقب” قائد الحرس الملكي فيما يُسمى بـ”قوة دفاع البحرين”، أي الجيش الخليفي. أُشيع في تلك الفترة أن ناصر شارك في قمع التظاهرات، ونُشرت صور قيل بأنه يظهر فيها مرتدا ملابس “القوات الخاصة” (الشغب) وهو في إحدى مناطق الاحتجاج في البلاد. جزء آخر من استثمار التربية “الدموية” لناصر كانت مع ما يُقال عن مشاركته في تعذيب معتقلين سياسيين داخل السجون، ما جعله هدفا لدعوى رفعها أحد الضحايا في بريطانيا. وهو الاستثمار نفسه الذي كان وراء تظهيره، بأسلوب كان كاريكاتوريا في كثير من الأحيان، في الحرب على اليمن، حيث ذهب إلى هناك والتقط مع شقيقه خالد الصّور السّلفي في إحدى الصحارى المقفرة، وجرى استقباله لاحقا في حفل أشبه باستقبال جنرال انتصر في حرب كبرى أو قاد معركة طاحنة.

لا شك أن خطوط الاتصال بدولة الإمارات، ومن خلال زوجته ابنة حاكم دبي، لها أثرها وفعلها المؤثر في هذه “السيرورة الطفرة”. ولكن لابد أن يحظى أن يعمَّد السعوديون والأمريكيون، والإسرائيليون طبعا، “الأميرَ الجلاد” قبل أن يتقدّم أكثر في الصعود نحو “العرش”. مجيء محمد بن سلمان وليا للعهد في السعودية، والخطوات الدراماتيكية التي تتوالى برعاية أمريكية لترفيعه ليكون “ملكاً”، سيكون له صلة بالترفيع الذي سيناله ناصر، وخاصة بعد زيارته في وقت سابق من شهر سبتمبر إلى الولايات المتحدة، ولقائه بحاخامات موالين لإسرائيل. وقد ذكر بعض الناشطين في واشنطن بأن مشغلي ناصر ومربيه يسعون لنيل موافقة أمريكية/إسرائيلية لتصعيده سريعا خلفاً لأبيه الذي “يجاهد” من أجل هذا الهدف لتحسين سمعته بين الإسرائيليين بفتح الأبواب العلنية معهم.

بين هذا الطموح، وما يُبذل من مساع للوصول إليه ولو بتقديم كامل الولاء للشيطان، لابد من ضمّ “الترقية الجديدة” التي حصل عليها ناصر بتعيينه عضوا في “مجلس الدفاع”؛ بالكلمة النارية التي ألقاها الناشط الحقوقي حسين عبدالله، مدير منظمة “أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين”، وذلك خلال جلسة المداخلات على تقرير حكومة آل خليفة حول الاستعراض الدوري في مجلس حقوق الإنسان بجنيف. عبدالله دعا إلى محاسبة ناصر حمد بتهمة تعذيب سجناء معارضين، وذلك في حال كانت الحكومة الخليفية صادقة في مزاعهما بأنه “لا أحد فوق القانون”. ولكن الجزيرة التي حوّلها الخليفيون إلى أكبر مستودع للإفلات من العقاب، وانتشار التعذيب والانتهاكات الممنهجة، لا يمكن إلا أن تكون المكان المناسب لترقية وصعود أمثال ناصر من الجلادين الذين يرتدون أقنعة وسيمة ويظنون أن دماءهم زرقاء وأنهم وُلدوا وعلى جباههم طُبعت “العظمة والمعاجز”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى