المنامةتقارير

ظلام دولة الناطحات: المعتقل البحراني علي الحني يكشف قصة “الغدر” والانتقام في سجون الإمارات

٢
المعتقل عباس المرزوق

البحرين اليوم – (خاص)

يعاني المعتقلان البحرانيان في سجون دولة الإمارات، عباس أحمد مرزوق (من بلدة المعامير) وعلي حسن الحني (من منطقة سترة)؛ من ظروف “سيئة” ومضايقات “طائفية” من ضباط إماراتيين، وعبّرا عن رغبتهما في نقلهما إلى البحرين ليكونا قرب الأهل “ولو من وراء جدران السجون”، إلا أن مسؤولين إماراتيين أخبراهما بأنه “لا توجد اتفاقية أمنية بين الإمارات والبحرين لتبادل السجناء”.

وكانت محكمة إماراتية قضت بتاريخ ٢٦ أبريل ٢٠١٧م بسجن عباس وعلي ٣ سنوات وغرامة ٥٠٠ ألف درهم بتهم مزعومة تتعلق بتصويرهما لمقطع فيديو أثناء رحلة سياحية قاما بها إلى دبي ونشراه على موقع الانستغرام.

وعبّر علي الحني (صورة التقرير) في اتصال مع (البحرين اليوم) عن استيائه من الظروف التي يعاني منها مع زميله عباس داخل السجن التابع لوزارة الداخلية الإماراتية، كما شكى من مضايقات من جانب بعض المسؤولين والضباط وبعضها على خلفية انتمائه المذهبي.

وقد أجرت (البحرين اليوم) تحقيقا حول أوضاع السجن الذي ينزل فيه عباس وعلي، وأجرت اتصالات داخلية على صلة بالسجن التابع لوزارة الداخلية في الإمارات، حيث أفادت المعلومات بأنهما يوجدان في عنبر ينزل فيه محكومون بالإعدام وبأحكام مؤبدة، وشكى سجناء من سوء الظروف الصحية داخل السجن، وعدم توفير الاحتياجات “الإنسانية” الطبيعية للنزلاء.

وتؤكد تقارير حقوقية هذه المعلومات، فيما قال أحد النشطاء الحقوقيين المتابعين لانتهاكات السجون في الإمارات بأن هناك “ظلاما دامسا من الانتهاكات الفظيعة؛ يختبيء خلف الأضواء الفارهة التي تضيء ناطحات السحاب في دبي”.

 

في السجن: نأكل في أكياس.. مع الصراصير والفئران

 

وكشف علي الحني بأنه ينام على سرير من حديد في مبنى لا يعمل فيه التكييف وتنتشر فيه الحشرات والفئران، كما أفاد بأنه يُجبر مع الآخرين على الأكل والشرب في “أكياس” وعلى نحو غير إنساني، وأكد بأن الماء المتوفر غير صالح للشرب ويحتوي على مادة الكلور، وهو يضطر لشراء الماء من المتجر التابع للسجن.

loc-5-1

كما شكى علي من عدم توفير الرعاية الصحية داخل السجن، وقال بأن العيادة لا تصرف أدوية مناسبة للأمراض التي يشكو منها، وتكتفي فقط بصرف “البندول”. كما أنه نادراً ما يتعرض للشمس والخروج إلى الفنس الخارجي.

وقد كشف علي عن ظروف اعتقاله من البحرين وترحيله إلى دولة الإمارات، وقال بأنه تلقى اتصالا في ٤ يونيو ٢٠١٦م من قسم “الجرائم الإلكترونية” التابع لإدراة التحقيقات الجنائية، وطُلب منه الحضور للتحقيق، وعندما توجه هناك تم التحقيق معه مع ضابط برتبة ملازم يُدعى عبدالرحمن، ودار التحقيق حول ظروف تصوير مقطع الفيديو الذي نشره على حسابه في الانستغرام، وأكد علي في التحقيق الذي أن التصوير كان “عاديا” وجرى خلال رحلة سياحية في إجازة نهاية الأسبوع، ولم يكن هناك أي قصد للإساءة.

وذكر علي بأنه لم يواجه أية إساءة أثناء التحقيق في البحرين، ولكنه فوجيء أثناء التحقيق بإحضار زميله عباس بعد اعتقاله من الجسر الرابط مع السعودية.

 

غدروا بنا.. ورحلونا إلى “ظلام” الإمارات

 

وقد أخبرهما الضابط الخليفي بأنه سيتم نقلهما إلى دولة الإمارات للتحقيق بعض الوقت ثم سيتم إعادتهما، إلا أنهما وجدا فوجئا بـ”الغدر” بهما بعد تسليمها إلى دولة الإمارات عبر “رحلة جوية كانت شبيهة بالأفلام البوليسية”، كما عبر علي الذي أوضح بأن الطائرة التي كانت تقلهما كانت محاطة بقوات الكوماندوز، وقد تم نقلهما عبر سيارة دفع رباعي وهما مصمّدين، وكانت تعلو منها الصوت الخاص بالطواريء، وبعد ٢٠ دقيقة وصلا إلى مبنى لم يكونا على علم بمكانه أو الجهة التي ينتمي إليها، حيث كانا في غرفة شبه فارغة إلا من كرسي وطاولة، وكانا في أغلب الوقت مصمدين أثناء التحقيق. وقد علمت (البحرين اليوم) من مصادر خاصة بأن المكان الذي نُقلا إليه مباشرة بعد استلامهما هو مبنى جهاز أمن الدولة في دبي.

ووصف علي التحقيق معه من قبل الضباط الإماراتيين بأنه كان “سيئا”، وكشف بأن أسئلة التحقيق لم تتطرق إلى شريط الفيديو التي كان يُفترض أنه سبب اعتقاله وعباس، وقال بأن أسئلة المحققين تركزت على انتمائه السياسي وعن الأوضاع السياسية في البحرين، كما سُئل عن جمعية “الوفاق” وعن حزب الله اللبناني.

 

علي: انتقموا مني لأنه قلت إن السيد نصر الله “رجل”

 

وأثناء التحقيق، وجّه أحد الضباط تهديدا إلى علي وقال له: “أنت يُفترض ألا تكون موجودا منذ العام ٢٠١٣م. أستطيع أن أذبحك، ولن يعلم أحد بك”.

وبقي علي وعباس في سجن أمن الدولة ٤ أيام، لم يكونا يعرفان في هذه الأيام بمرور الوقت أو الأيام التي تمر عليهما، وكانا يخضعان للتحقيق كل يوم وبنفس الأسئلة التي تتعلق بالوضع الداخلي في البحرين ومواقفهما السياسية.

وعلى مدى أشهر، تنقلا في أكثر ٤ مراكز وسجون في الإمارات، ووجهت إليهما تهم مزعومة بالنشر الإلكتروني وتهديد “أمن الدولة الداخلي” وإثارة الكراهية الدينية.

وحول أسباب استهدافه رغم أن شريط الفيديو كان “عاديا” ولم ينطو على أية إساءة وبدا التصوير ممزوجا بالفكاهة؛ أكد علي الحني بأنه لا يجد سببا لذلك إلا أن تكون هناك “توصية من البحرين ضده”، مشيرا إلى أن تركيز المحققين في الإمارات على الوضع الداخلي في البحرين يؤكد أن هناك “نية للانتقام منه بسبب ما يجري في البلاد”.

كما رجّح علي أن يكون استهدافه من قبل الضباط الإماراتي يعود إلى دفاعه عن أمين عام الله حزب الله السيد حسن نصرالله، حيث سأله أحد الضباط الإماراتيين في التحقيق عن رأيه في السيد نصرالله، فقال بأنه “رجل” بسبب موقفه المدافع عن قضية فلسطين.

وتقصت (البحرين اليوم) من مصادر أخرى عن أشكال أخرى من الاستهداف الذي يواجهه علي وعباس، وأوضحت المعلومات بأن ضباطا إماراتيين يتعرضون لهما بمضايقات لفظية بسبب كونهما من الطائفة الشيعية.

 

محام مشهور.. “حرامي وكذّاب”

 

من جهة أخرى، انتقد علي تعاطي المؤسسات الرسمية في البحرين مع قضيته، بما في ذلك المؤسسات المعنية بـ”حقوق الإنسان”، وقال بأنها “بلا فائدة”، كما وجه اننقادا “شديدا” إلى المحامي الذي تولى قضيتهما، وهو المحامي جاسم النقبي، وقال بأنه “حرامي وكذّاب”، ويفكر في رفع دعوى ضده، حيث لم يحضر أية جلسة من جلسات المحاكمة، كما لم يقابله ولو لمرة واحدة، ولم يباشر دوره المناسب في الدفاع. وقد تبين أن المحامي على صلة بالأجهزة الأمنية الإماراتية، كما أنه يحظى بمناصب رسمية عليا في الدولة.

وتوجه علي الحني بالشكر إلى الرأي العام البحراني نظير تعاطفه مع قضيته ومتابعته لها، كما وجّه رسالة عبر (البحرين اليوم) أكد فيها بأنه “مظلوم وبريء من التهم الملفقة ضده” مشددا على أن ما يجري له هو “انتقام مسيس” وليس له علاقة بشرط الفيديو القصير الذي نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقد علمت (البحرين اليوم) بأن مسؤولا كبيرا في سجن الإمارات استدعى علي الحني في وقت لاحق، وسأله عن سبب شعوره بـ”الضيق والاستياء”، فأخبره بالأوضاع السيئة في السجن، فوعده المسؤول بتحسين الظروف وأن كل شيء سيتغير، إلا أن المسؤول اشترط عليه “عدم نشر أي شيء مما يحصل داخل السجن إلى الإعلام الخارجي”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى