ما وراء الخبر

لعبة البعثات وتجهيل الشيعة: مشروع خليفي لتحويل البحرانيين إلى “عشوائيات سكانية”

1426614218

البحرين اليوم – متابعات

لم يتفاجأ المتابعون بطبيعة نتائج البعثات الدراسية التي تم الإعلان عنها في البحرين اليوم الاثنين، ٨ أغسطس، حيث أكّد توزيع البعثات السياسة الخليفية المتبعة ضد السكان الأصليين، وكشف استمرار ما وصفها النشطاء ب”مجزرة البعثات”، والتي تشير إلى إتباع معايير طائفية ضد المتفوقين، وحرمانهم من رغباتهم المستحقة في التخصصات الجامعية، وهو مسار ممنهج اعتمده النظام بشكل “سافر” في السنوات الخمس الماضية، حيث باشرَ بتطبيق سياسة “الفصل الطائفي” على المستوى التعليمي والتأسيس لواقع من “التجهيل” بعيد المدى في أوساط المواطنين الشيعة، تأسيسا على المشروع التخريبي” الذي يستهدف تقويض منابع القوة للمواطنين، وخاصة التأهيل العلمي وفرص الترقي الوظيفي في المستقبل.

وأوضحت الناشطة التربوية، والمعتقلة السابقة جليلة السلمان، بأن “الشكاوى من نتائج مجزرة البعثات لهذا العام؛ بدأت تتراكم”، وأشارت إلى بعض الحالات، ومنها حرمان طالبة نالت نسبة ٩٨‪.‬١٪ في الثانوية العامة، وطالب آخر تحصّل على نسبة ٩٨٪؛ من بعثة دراسة الطب، ومنحهم منحة دراسية عوضا عن ذلك، بقيمة ٤٠٠ دينار سنويا. وشككت السلمان في المعايير التي استندت إليها وزارة التربية – التي يسيطر عليها طائفيون موالون للنظام – في توزيع بعثات الطب، وقالت بأن هناك حالات حصلت على معدلات أدنى من ٩٨٪؛ تم منحها بعثة لدراسة الطب.‬

ونقلت السلمان أجواء القلق التي سادت الخريجين المتفوقين وعوائلهم بسبب “ضعف المعروض (من البعثات) وقلته، وعدم تناسبه مع طموح المتفوقين”، كما خلت بعثات هذا العام “من كل ما طرحته السفارات (الأجنبية) في دولها”، وهو أمر اعتادت عليه الوزارة “منذ أن تم تأميم البعثات”، بحسب تعبير السلمان التي تساءلت عن الجهة التي تذهب إليها “بعثات السفارات، طالما أنها تُستبعد من الخطة، ولا ينالها أصحاب المعدلات العالية”.

الناشطون أكدوا بأن ما وصفوه ب”مجزرة البعثات” وسرقتها؛ هي جزء من مشروع “تجهيل الشيعة” ومخطط استهدافهم، داعين إلى عدم الاستسلام لهذا المشروع التدميري، والعمل على مواجهته في سياق برنامج شامل لمقاومة الاستهداف الخليفي المتعدد الجهات.

مختصون في هذا المجال أوضحوا بأن مشروع التجهيل جرى التخطيط له مبكرا، وقبل اندلاع ثورة ١٤ فبراير، وقد كشفت جوانب مما يُعرف بتقرير “البندر”؛ بأن “أخطبوط” تدمير السكان الشيعة تستهدف استنزاف الطاقات الشابة، وإنهاكها باليأس من الترقي العلمي والوظيفي، وإشاعة العشوائية والأمية بين الجيل الطالع، والذي ينمو وسط تضاريس متعددة من القمع السياسي، والاضطهاد المذهبي، والعقاب الجماعي غير المحدود، وهو ما يؤكد متابعون بأنه من الممكن أن يفرز نتائج خطيرة بين الناشئة والشباب الجديد، وخاصة لجهة دفعهم إلى الجريمة والانحراف الاجتماعي والانخراط فيما يصفه البعض ب”التسيّب الوجودي”، وهو محفّز أساس يستهدفه مشروع آل خليفة من أجل تدمير الهوية ومحو الدافع الإيجابي لحماية الذات والمحافظة عليها، ومن جهة أخرى سيكون المجتمع العام، بأفراده وأسره وبيئاته العامة؛ مضطرا للانصهار المغلق في “الكانتونات” و”المستوطنات” التي يخطط لها الخليفيون، بحسب ما قال المستشار السابق للنظام صلاح البندر في مقابلة تلفزيونية أخيرة، وهو خيار يسعى آل خليفة لجرّ المواطنين إليه بشكل متدرج، والدفع به على نحو “تلقائي” و”انسيابي”، وكأنه “نتيجة طبيعة” للعصرنة والتحديث، في حين أنه يقوم على معايير طائفية، وتحت سقف الهدف الإستراتيجي الرامي لتذويب السكان الأصليين، وتحويلهم إلى “عشوائيات سكانية”.

من جهة أخرى، ينتقد عدد من النشطاء أداءَ المعارضة وسياستها “البديلة” في مواجهة هذا المشروع. ويرى البعض بأن تسريع آل خليفة لوتيرة تنفيذ مشروع “الاقتلاع” و”التدمير”؛ يُنذر بأخطار وجودية وشيكة لسكان البحرين الأصليين، في ظل غياب برنامج “مقاومة” متكامل، ومتعدّد الجهات، وبما يوازي حجم الأخطار المحدقة. وفي حين بادر ناشطون العام الماضي لتخصيص بعثات دراسية للطلبة المتفوقين المحرومين من البعثات الرسمية؛ فإنّ متابعين قللوا من جدوى هذه الخطوات التي وصفوها بالجزئية، مشددين على ضرورة “الضغط” على المواقع المؤثرة في المعارضة، ودفعها نحو الإيمان الجدي بخطورة ما يتم التخطيط له، والعمل بمقتضى ذلك، مؤكدين بأنّ “إهدار مزيد من الوقت، يعني إهدار المزيد من الوجود المتبقي لأهل البحرين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى