ما وراء الخبر

الاضطهاد الديني يترسخ في البحرين بعد التطبيع

رأي البحرين اليوم – خاص

تتصاعد وتيرة الاضطهاد الديني في البحرين يوما بعد آخر، حتى وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ البلاد. فالاضطهاد الديني في البحرين ليس مجرد ممارسة محددة، بل هو سياسة أساسية تنتهجها السلطات في شتى المجالات، سواء الدينية أم السياسية ام الاقتصادية أو الاجتماعية.

سياسات الاقصاء والتهميش لأغلبية البحرانيين، ومنعهم من ممارسة حرياتهم الأساسية ومن ضمنها الحرية الدينية، يندرج ضمن سياسة أعم وأشمل للعائلة الخليفية التي تشعر انها منبوذة من قبل المجتمع البحراني بسبب جورها وفسادها، فتزيد من وتيرة اضطهادها لأبناء البلد الأصليين.

لقد باتت هذه السياسات ممنهجة وواضحة إلى الحد الذي لم يتمكن فيه حتى حلفاء العائلة الخليفية في الخارج من إنكارها. فقد أشار تقرير لجنة الحريات الدينية الدولية في خارجية الأميركية إلى أن الشيعة في البحرين ما زالوا يتعرضون للتمييز في الوظائف والتعليم والنظام القضائي. كما يتعرض السجناء الشيعة للإهانة والإضطهاد والمعاملة الحاطة بالكرامة والحرمان من العلاج.

إزدادت وتيرة هذا الاضطهاد منذ اندلاع ثورة 14 فبراير 2011 وبعد احتلال الجيش السعودي للبحرين، عندما هدمت المساجد واعتقل رجال الدين، وزج بآلاف الرجال والنساء في السجون، وتعرضوا فيها لشتى صنوف التعذيب، وصدرت ضدهم أحكام مطولة بالسجن، فيما اعدم آخرون، وأسقطت جنسية المئات، وأجبر الكثير من المعارضين على العيش بالمنفى.

أغلقت السلطات كافة آفاق العمل السياسي بحلها لمعظم الجمعيات السياسية، ومنعها للعمل الحقوقي في البلاد.
وقد وجدت السلطات الخليفية فرصة في جائحة كورونا للتذرع بمنع البحرانيين من إحياء مراسم عاشوراء والأربعين. واستشاط الخليفيون غضبا بعد أن أفشل البحرانيون مخططهم وأقاموا مراسم عاشوراء بأبهى صورها من حيث التنظيم ومراعاة القواعد الصحية.

لكن السلطات عاودت الكرة مرة ثانية خلال مراسم الأربعين التي حلت ذكرها قبل ايام، إذ حظرت إقامة مراسم العزاء تحت ذريعة كورونا. وهي حجة باطلة! فالسلطات سمحت بافتتاح المراكز التجارية التي تعج بالمتسوقين ممن لا يراعون القواعد الصحية، كما انها فتحت المراقص وصالات الرياضة ولم تتذرع بفيروس كورونا.

وفي صورة واضحة على السياسة الطائفية المقيتة وبقوة السلاح قامت قوات المرتزقة بملاحقة المعزين واستهداف الرواديد والخطباء ليلة الأربعين، وعلى ضفة أخرى في ذات الليلة كان جماهير نادي الحد يحتفلون بفوز فريقهم لكرة القدم بكل حرية!

لقد خرجت مواكب الأربعين في مختلف دول العالم ومنها أوروبا وتحديدا بريطانيا التي تواجه موجة خطيرة من فايروس كورونا، لكنها لم تمنع التي من ممارسة شعائرهم الدينية مع مراعاة الضوابط الاحترازية.

إن دل ذلك على شيء فإنما يدل على معاداة السلطات الخليفية لهذه الذكرى التي يحيي فيها البحرانيون ثورة الإمام الحسين ضد الحكام الظلمة الذين يسير آل خليفة على نهجهم. ويدل كذلك على خشية السلطات من ان تتحول الذكرى إلى مناسبة لانتقاد اتفاقية الخيانة التي وقعتها هذه العائلة مع الكيان الصهيوني الغاصب.

هذا ما يفسر الحالة الهستيرية في الاستدعاءات والتحقيقات والإعتقالات التي طالت الرواديد والخطباء وعشرات الاشخاص على خلفية انتقادهم لإتفاقية التطبيع. مع هذا فالصوت البحراني ارتفع عاليا حاملا هم الأمة وهم القضية الفلسطينية، بالرغم من المحنة التي يمر بها البحرانيون، إلا أنهم لم ينسوا قضية فلسطين، حتى أصبحت البحرين واحدة من ضمن بلدان قلائل في العالم، خرجت فيها تظاهرات تندد بالتطبيع.

هذا الوضع يثير قلق العائلة الخليفية التي استعانت مؤخرا برئيس الموساد الإسرائيلي الذي أجرى زيارة تثير الريبة إلى البحرين قبل ثلاثة أيام من انطلاق تظاهرات جمعة الغضب المنددة باتفاق الخيانة أواخر سبتمبر الماضي.
لقد بات آل خليفة يلعبون على المكشوف، وأظهروا مدى خيانتهم وعلاقاتهم الوطيدة بالصهاينة منذ عقود. وهم إذ يلعبون اليوم بآخر ورقة يظنون انها ستحفظ ملكهم من غضب الشعب الذي لن ينسى جرائمهم.

لقد بلغوا من الغباء مستوى دفعهن بأن يستعينوا بكيان غير قادر على حماية نفسه، ولايزال يدخل في انذار من شماله غلى جنوبه بمجرد سقوط صاروخ بدائي تطلقه المقاومة الفلسطينية المحاصرة. كيان يستعين بالقوى الكبرى لكي تديم بقائه، فكيف يمكنه حماية انظمة مهترئة كالنظام الخليفي، وفاقد الشيء لا يعطيه.

إن سياسات الاضطهاد الديني واستعانة الخليفيين بالصهاينة لترسيخها، عبر الاستعانة بخبراتهم في اضطهاد الفلسطينين، لن تطيل عمر حكمهم سوى قليلا، والبحرانيون الذين أصروا على إحياء مراسم الأربعين، على ثقة من حصول ذلك, لأنهم يستوحون خطاب زينب عليها السلام في محضر الطاغية يزيد، “ فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جُهدَك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند وأيَّامك الا عدد، وجمعك الا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.

وكذلك أيام الخليفيين ماهي إلا عدد وما جمعهم إلا بدد، فالشعب قرر المفاصلة معهم وعدم التعايش معهم، وسيأتي اليوم الذي يهزمهم فيه شر هزيمة ويلقي بهم في مزبلة التاريخ مع الطغاة الذين ساروا على نهج يزيد من قبل ” وباءوا بغضب من الله”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى