مقالات

“خراف” مجلس النواب ينتظرون ماء الذبح

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: باقر المشهدي

كاتب مختص في شؤون الخليج

مشهد التسابق على الترشح لانتخابات ٢٠١٨ في البحرين يتشابه تماما مع مشهد تسابق الخراف على الماء قبل ذبحها. ولأن قطيع الخراف لا يعرف مصيره، ولا يمكنه استباق الأحداث ليرى نفسه في مسلخ الذبح؛ فلا عجب أن تهرول الخراف بوحي من راعيها ومسوسيها لكي تلاقي مصيرها المحتوم. الشخصيات التي تتصدر مشهد الترشح للانتخابات، رغم خفة وزنها السياسي والاجتماعي، فهي خفيفة الإدراك أيضا، ولا يبدو أنها تمتلك ذرة عقل أساسا. فبعد أربع سنوات مزيفة من اللعبة الانتخابية ظهر فيها مجلس النواب “مجلسا أهبلا” وعقيما؛ فإن البعض يُهلك نفسه توسلا لأن يكون أحد البصامين في طابور العبيد الذين يعرضون في مجلس النواب والشورى.

حسنا، ولكي لا نكون متحاملين كثيرا، وأصحاب رؤية “سوداوية” تعكر مزاج سدنة الديوان الملكي؛ لنرى بعض الأمور كما هي واضحة وظاهرة للعيان، ونحكم بعدها: هل منْ سيترشح للانتخابات يمتلك عقل خروف أم عقل دجاجة؟

ما معنى أن تقوم الحكومة بالاستعجال لإصدار قانون التقاعد الجديد قبل شهر من انتهاء الدور التشريعي وقبل انتهاء الدورة الانتخابية لمجلس النواب، وهي تعرف أن القانون سوف يمرر إنْ أرادت الحكومة ذلك؟ وهي بالفعل مررته عبر اللجنة التشريعية في مجلس الشورى. فحتى ولو رفض بعض النواب “الحرابيش” القانون المقدَّم لهم؛ فإن التصويت سيكون لصالح القانون حتما. معنى ذلك أن الحكومة ترغب في حرق وسلخ أعضاء هذا المجلس واستبدالهم بخراف جديدة أخرى.

وفي حال كانت الحكومة ذكية بما فيه الكفاية؛ فإنها ستضع هذا القانون بمثابة طُعم لخراف جديدة تغريهم بالمقولة الساذجة والغبية التي أظهرتها لهم نهاية ٢٠١٤ تحت شعار: “بصوتك تقدر”! فبعد اربع سنوات سيكون ملهما لـ”الهبلان” و”المساطيل” أن يقتنعوا أنهم بصوتهم أوقفوا مشروع قانون التقاعد الجديد. وفي كلا الحالتين؛ فإن توقيت طرح مشروع قانون التقاعد يؤكد أن الخراف سوف تلهث وراء عشبها المفضل، وهو “الرزة” الاجتماعية والمصلحة الذاتية التي يمكن أن يحققها أي “فائز بالفلتة” في الانتخابات. قبل ذلك، كان أعضاء هذا المجلس “المخرفن” قد صوتوا بطريقة “داعرة” على منع أعضاء الجمعيات السياسية المنحلة من الترشح، وكأنهم يقولون: “لا نريد أي أحد أن يشاركنا في الماخور الذي نجتمع فيه بشكل دائم”. وفي الحقيقة، وكما يعلم الجميع، لم يكن هذا القرار قراراهم، ولا من صلاحياتهم أساسا، فقد قالها وزير العدل الخليفي قبلهم أنه لا يرغب في ؤرية أي أحد من المعارضين في مجلس النواب، وكأن المجلس “عزبة أمُّه”.

لهذا فإن بعض الشخصيات التي لها يرى البعض أنها تحظى “بشيء من الاحترام” تقوم بحرق احترامها الضئيل واستبداله بغباء الخراف وحياء “البغية”، لأنها تعلم يقينا أن الصورة النهائية لمجلس النواب يجب أن تكون صورة باهتة جوفاء. أما التعويل على شعارات خدمة الوطن والدفاع عن حقوق الناس، أو أن المقاطعة تفتح الباب للمتسلقين والمنتفعين وغيرها من التبريرات؛ فليست ذات قيمة وليست ذات معنى في ضوء مسيرة طويلة عمرها ١٥ عاما من التزييف وسلب الإرادة والتغطية على الفساد والإفساد والمفسدين الكبار!

فما الذي يستطيع فعله فلان وعلاّن مع بضعة أنفار “قرعان” فيما عجز عنه ١٧ نائبا وكتلة مخضرمة سياسيا، أليس في ذلك دجل وخداع؟

لا أريد هنا أن أقسو على بعض الأخوة ولا أن أقلل من وجهة نظرهم السياسية، ولكن المراد هو تسمية الأمور كما هو الأقرب للواقعية، وهي أن الترشح للانتخابات في ٢٠١٨ لا يعني سوى الإنسياق “الأهبل”، كما تُساق الخراف للذبح وهي مليئة فرحاً بجرعة ماء أو بكومة عشبٍ يابس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى