حكايات الضحايا

عقاب جماعي لعائلة محمد الملا: طود شامخ من وشائج الشهداء

CJTiyoJUwAAZtA8

من المنامة-البحرين اليوم:

سلاح الشوزن الخليفي لايفرق بين أبناء البحرين، شيوخهم وشبابهم، نساؤهم وأطفالهم.

يطلقه مرتزقة النظام على كل منْ يطلق صرخة بوجه نظام الحكم الجائر في البحرين.

أحد ضحايا هذا السلاح شاب في مقتبل العمر، كان يجلس على مقاعد الدراسة الجامعية في العام 2011 وبعد اندلاع الحراك الثوري في البلاد حينها. إلا أن تلك الرصاصات غيرت مجرى حياته.

إنه الشاب محمد الملّا المولود في العام 1992.

كان محمد قرب مستشفى السلمانية في 16 مارس 2011 الذي امتلأ بعشرات الجرحى من البحرانيين الذين اتخذوا من دوار اللؤلؤة ساحة لطرح مطالبهم المشروعه.

توجهت نحوه يد آثمة لتصوب نحوه رصاص الشوزن الذي ملأ الجانب الأيسر من جسده لتستقر عشرات الرصاصات في جسده وخاصة في الرئة والقلب وباقي الأعضاء.

اعتقلوه ونقلوه إلى المستشفى الذي بقي فيه لمدة ثلاثة أشهر، ولم يراعوا وضعه الصحي المتدهور بعد أن استقرت عدة رصاصات في جدار القلب، فنقلوه إلى سجن الحوض الجاف.

بدأت رحلة معاناته مع التعذيب في السجن بالرغم من وضعه الصحي المتدهور، حيث عصبت عيناه وتعرض لمختلف أنواع التعذيب والإهانة. كانت التهمة الي وجهت له هي التجمهر والتواجد في دوار اللؤلؤة.

تم الإفراج عنه بعد عدة شهور لتعاود السلطات اعتقاله مرات عدة خلال ذلك العام والعام الذي تلاه. وكانت آخرها في منطقة كرباباد عند محاولة الزحف نحو الدوار.
وأما في العام الماضي فقد داهمت القوات الحكومية منزل عائلته بحثا عنه، إلا أنه تمكن من الهرب، ولم تفلح السلطات في القاء القبض عليه.

لاعب نادي النجمة سابقا والجامعي محمد الملا وبعد أن ضاقت به سبل الحياة الكريمة في بلاده  في ظل نظام يطارد الأحرار ويتتبع كل من ينادي بحقوق الشعب المسلوبة؛ قرر الهجرة إلى بلاد الله الواسعة.

الا أن مرتزقة النظام ألقت عليه القبض وهو يحاول السفر من مطار البحرين. ساقوه إلى المعتقل موجهين له تهما شتى، ومنها الانضمام لخلية إرهابية، الشروع في القتل، وتزوير أوراق رسمية.

نقلوه إلى مبنى التحقيقات في العدلية، وبعدها تم نقله إلى سجن الحوض الجاف، الذي مكث فيه لمدة أربعة شهور، وقبل أن يُعاد مرة أخرى إلى مبنى التحقيقات.

وضعوه في السجن الإنفرادي وهو مقيد بالحديد، ومُنع من الذهاب إلى الحمام، حتى ساءت حالته الصحية.

محمد بحاجة إلى أخذ دوائه بشكل منتظم. فبعد الإفراج عنه في المرة الأولى بعد إصابته؛ عرضته والدته على طبيب مختص وصف له دواءا يمنع تدهور حالته الصحية، إلا أن حرمانه من الدواء فاقم وضعه الصحي في المعتقل.

الرصاصات التي استقرت في جسده تسببت له حالة من الغثيان والتقيؤ، ما أدى إلى ضعف وهوان في جسده، حتى أنه لا يستطيع الوقوف للصلاة.

كانوا يرسلوه للعلاج في السجن، فلا يصف له طبيب السجن سوى المسكنات ويصفه ب”الكذاب”.

وأما الشرطي المدعو عبدالله الحطاب، فيرفض رفضا قاطعا نقله إلى مستشفى السلمانية.

نُقل إلى مستشفى القلعة، وأُرجِع بعدها إلى سجن الحوض الجاف، وبعد أن ساء وضعه الصحي نُقِل إلى مسشتفى السلمانية، ليُعاد بعدها إلى الحوض الجاف.

تحدث مع عائلته قبل بضعة أيام شاكيا ضعف حاله وارتفاع درجة حرارته بسبب فقدانه للسوائل جراء التقيؤ.

معاناة العائلة لا تتوقف عند محمد، بل تمتد لتشمل أخوته الثلاث وأبيه.

أخوه حسين، الطالب في الصف التوجيهي، معتقل هو الآخر، وقد حُرم من إكمال دراسته.

أما أخوه الآخر، منتظر، فقد أصابته طلقة مباشرة في الفم، وأصابت فكه، وقد أجريت له عملية جراحية.

أما حيدر فقد ضربته قوات آل خليفة على أنفه، وقد أجريت له عملية وهو بانتظار عملية أخرى عندما يبلغ سنه 18 عاما.

الطغيان الخليفي طال والده أيضا، العامل في مستشفى السلمانية، الذي تعرض إلى الضرب في كتفه من قبل قوات المرتزقة، وقد أجريت له عملية في كتفه الأيسر.

الوالدة الصابرة المحتسبة لم يستثنها النظام من ظلمه الذي وزعه على كافة أفراد هذه العائلة البحرانية، فضيق اليد دفعها إلى تقديم طلب للتعيين في وزارة الصحة، إلا أن السلطات رفضت طلبها لأن اسم العائلة دخل في السجل الأسود لجهاز ما يسمى بالأمن الوطني.

عائلة صابرة محتسبة ترعرعت في ظل قيم الشهادة ومقاومة الطغيان. وشائج القرابة التي تربطها بالشهيد السيد جعفر العلوي والشهيد حسين الجزيري؛ تلهم أفرادها الصمود، وتبعث في نفوسهم قيم الصبر والتضحية والفداء.

وجّهت والدة محمد الملا نداءا إلى المنظمات الدولية داعية إياها إلى النظر فيما يحصل في البحرين من انتهاكات، وتمنت عليهم أن يروا حال آلاف الشباب البحرانيين المعتقلين خلف القضبان، وأن يفكروا في عوائلهم المضحية.

إلا أنها وبرغم كل تلك المحن والمصائب، فإن عائلة الملا تبدو كالطود الشامخ، رافعة شعار هيهات من الذلة.

عائلة لا تخشى الموت أو القتل، ولم تنسها مصيبتها من ذكر رموز وقادة الثورة واصفة إياهم بتاج الرأس، داعية إلى عدم نسيان الأستاذ عبدالوهاب حسين والأستاذ حسن مشيمع والدكتور عبدالجليل السنكيس والشيخ علي سلمان.

ظلامة عائلة الملا تعكس ظلامة العوائل البحرانية، وتحكي قصة القمع والظلم الخليفيين اللذين يطالان عوائل بأكملها، إلا أن الخليفيين وبرغم كل بطشهم وجبروتهم؛ يبدون عاجزين على كسر إرادة شعب يأبى العيش في ذل وهوان.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى