ما وراء الخبر

الأنظمة القمعية في الخليج “قلقة” من قانون أمريكي لمحاسبة آل سعود: منْ يبتز منْ؟

السعودية-وأمريكا

البحرين اليوم – متابعات

عبرت دول الخليج عن خشية “جماعية” من القانون الأمريكي الذي أقره الكونغرس ومجلس النواب الأمريكي بشأن السماح لضحايا هجمات ١١ سبتمبر من مقاضاة السعودية، وهو القانون يُنظر فيه البيت الأبيض لتوقيع الرئيس الأمريكي عليه، وسط تأكيدات رسمية سابقة بأن الإدارة الأمريكية ستُمارس حقّ الفيتو ضد القانون وإرجاعه إلى الكونغرس مجددا.

الأنظمة الخليجية، ومن خلال البيان الصار اليوم الاثنين، ١٢ سبتمبر، بدت في حال من “القلق البالغ” إزاء هذا القانون الذي يقول مراقبون بأن له تداعيات لن تقف عند حدود النظام السعودي، وقد تطل بقية الأنظمة القمعية في المنطقة والتي لها علاقات “مصالح متبادلة” مع آل سعود، وهو شعور أخد بالتزايد في الفترة الأخيرة، ولاسيما في سياق الانتخابات الأمريكية التي ظهر فيها التسابق “المرير” حول معالجة ملف الإرهاب والتكفير – الذي يتقاطع مع السياسة السعودية في المنطقة – وكان آل سعود محلا للعديد من هذا السباق الانتخابي، على الرغم من الجهود الدعائية “الباهظة” التي يبذلها السعوديون في داخل الولايات المتحدة وبمساعدة كبرى الشركات الخاصة بالعلاقات العامة، وبينها شركات إسرائيلية.

البيان الخليجي اعتبر القانون الأمريكي الذي حمل عنوان “قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب”؛ متعارضا مع “المباديء الثابتة في القانون الدولي، وخاصة مبدأ المساواة في السيادة بين الدول”، وزعم أمين عام مجلس التعاون عبد اللطيف الزياني بأن “الإخلال” بهذا المبدأ “سيكون له انعكاسات سلبية على العلاقات بين الدول، بما في الولايات المتحدة”، كما تحدث عن “أضرار اقتصادية عالمية” بسبب القانون، و”أعرب عن تطلع دول المجلس إلى أن لا تعتمد الولايات المتحدة هذا التشريع”.

بهذا الوضوح، فإن المجلس – الذي تديره السعودية من مقره في الرياض – لم يخف مخاوفه من قانون يُفترَض أن “يخيف رعاة الإرهاب”، كما أن مجلس التعاون أفصح عن “ابتزاز واضح” لواشنطن في حال إقرار القانون، ليس على صعيد العلاقات “السياسية” فحسب، ولكن أيضا على المستوى الاقتصادي. وهو “ابتزاز” يرى مراقبون بأنه جاء “متأخرا”، وأن واشنطن هي – في الحقيقة – منْ تمارس هذه السياسة ضد السعودية على وجه الخصوص، وذلك لوضع اليد على ٧٥٠ مليار دولار من استثماراتها في أمريكا، وهو ما يؤكده المحلل السياسي عبد الباري عطوان الذي يذهب إلى أن “الهدف الأساسي لهذا القانون” هو الاستيلاء على هذه المليارات التي بينها ١١٩ مليار على شكل سندات للخزينة الأمريكية.

عطوان يرى بأن الأمريكيين كانوا يتعاملون مع السعودية بوصفها “بقرة حلوب”، واضطروا طيلة العقود الماضية إلى مسايرتها لتمويل الحروب وتنفيذ الأجندة الأمريكية الاقتصادية والسياسية في المنطقة، كما يذهب عطوان إلى أن تلويح البيت الأبيض باستعمال الفيتو ضد القانون؛ لا يعني إنهاء الملف، حيث إن القانون سيعود مجددا إلى مجلسي النواب والكونغرس وسيكون هذه المرة بحاجة فقط إلى تصويت ثلثي الأعضاء لإقراره، وهو أمر وارد، ويجعل من اعتماد القانون “مسألة مضمونة” بحسب عطوان الذي يشرح “الخوف الخليجي العام” بالإشارة إلى أن الأمريكيين يمكن أن يحركوا، في الوقت المناسب، “الذرائع والوثائق” التي تطال بقية دول الخليج التي تملك استثمارات كبرى أيضا في أمريكا.

يتفق كثير من المحلليين مع ما يذهب إليه عطوان من أن آل سعود كانوا حلفاء “عميان” مع الولايات المتحدة، ووقفوا إلى جانبها في مواجهة من تعتبرهم واشنطن “أعداء لها”، وذلك في مقابل إسباغ الأمريكيين الحماية على نظام آل سعود، وهو اليوم “يدفع الثمن غاليا” ومن أمواله في الخارج. ولا يتردد مراقبون في الذهاب إلى “اليقين” بأن آل سعود باتوا حملا ثقيلا على واشنطن، وهي حقيقة – يقول هؤلاء – يعرفها حكام السعودية جيدا، ولكنهم غير قادرين على الهروب من “آثارها وتبعاتها”، ولو وجهوا قبلتهم نحو الصين وروسيا، وذلك لأن محاولات “إنقاذ الذات” هذه تأتي في الوقت الضائع، وفي المرحلة التي أضحى فيها المحور الروسي وحلفاءه – وبينهم إيران – في سياق سياسي وإستراتيجي لا يمكن لآل سعود القفز عليه، أو تحمُّل الانخراط فيه، وهو ما يجعل مستقبلهم، كما تقول صحيفة الواشنطن بوست، “قاتما”، ولاسيما وأن “الفكر الوهابي ينخر في جسدهم”، كما تضيف الصحيفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى