عباس بوصفوانمقالات

الملك البحريني: زيارة روسيا أم عجز عن زيارة أميركا

image
عباس بوصفوان – كاتب صحفي – لندن

رغم محاولات السلطات البحرينية النفخ في الزيارة التي قام بها الملك حمد إلى روسيا السبت الماضي (11 أكتوبر 2014)، فإنه يصعب إخراج الزيارة عن طابعها الترفيهي، والعلاقات العامة، أما في البعد السياسي فإنها تعبير جديد عن فشل الشيخ حمد في الحصول على صورة في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، فيما تدرك موسكو الآفاق المحدودة للعلاقات مع المنامة وعموم الدول الخليجية المنضوية تحت محور واشنطن، وأن الغاز الروسي لم يصل إلى المنامة بعد أكثر من ست سنوات على توقيع ملك البحرين اتفاقا بذلك إبان زيارته الأولى إلى روسيا في 2008.

الرئيس الروسي بوتين استقبل الملك البحريني في سوتشي وليس موسكو، ذلك إن توقيت الزيارة تم تنسيقه في الفترة التي تحتضن فيها المدينة الروسية “الجميلة”، النسخة الأولى من سباقات الفورمولا واحد.

وعلى الأرجح، فإن الملك البحريني تلقى دعوة بذلك من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ولعل الملك حمد وجّه دعوة شبيهة للزعيم الروسي لحضور سباقات الفورمولا التي تحتضنها حلبة الصخير، جنوب البحرين، في الربع الأول من العام المقبل (2015)، ولكن على الملك حمد، فيما يبدو، أن يكون مستعدا لتظاهرات صاخبة تعم المنامة، وقد تكون قادرة على اختراق الحلبة، كما حدث سابقا.

لم ينتج عن الزيارة الأخيرة إلى روسيا أي اتفاقيات سياسية أو دفاعية أو اقتصادية، والبنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) حاضرة في حسابات الملك إنْ هو أراد المضي في توثيق علاقاته العسكرية، ولا أعرف كيف يمكن ذلك أصلا، ولا يمكن للبحرين الصغيرة، والمحدودة التأثير والامكانيات، تقليد نموذج الرئيس المصري السيسي الذي وقّع اتفاقيات دفاعية مع موسكو، حين وجد بعض الصدود الأميركي. وحتى لا يقال أن الملك عاد خالي الوفاض، فقد تمكن من الحصول على لقطة مع زعيمٍ دولي، كما تم توقيع اتفاقيات ذات طابع ثقافي وسياحي.

وتدرك روسيا أن الدول الخليجية تابعة إلى واشنطن، وترتبط بعلاقات عسكرية وأمنية وثيقة مع الغرب، وظل العداء الخليجي جليا في التعامل مع موسكو إبان الحرب الباردة، وساد التعامل الحذر بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، ولم تشهد العلاقات الروسية الخليجية تطورات، تليق بحجم روسيا الدولي.

الملك البحريني زار روسيا للمرة الأولى بعد نحو عشر سنوات من وصوله إلى الحكم، وذلك في ديسمبر 2008، وليس أكثر من ذلك دلالةً بالغة على هامشية العلاقات بين الجانبين.

والأهم، أن الخلاصات التي انتهت إليها تلك الزيارة لم تبلغ منتهاها، فمثلا لم يتم استيراد الغاز من روسيا، وهو أهم بند تم الاتفاق عليه في تلك الزيارة، في ظل عدم رغبة البحرين في استيراد الغاز من قطر أو إيران، اللتين يراهما النظام الخليفي عدوتين لدودتين.

وإلى حد كبير، لم يعد الإعلام البحريني يتحدث عن تصدير الغاز الروسي، وإذا كان هذا يعني إغلاق هذا الملف، فإن ذلك لن يمنع تعويض شركة غاز بروم في صفقات محدودة في دولةٍ هي أصلا بحاجةٍ إلى استيراد الغاز بعد استنزافه في صناعة الألومنيوم بأسعار زهيدة. كما تعد البحرين منتجا صغيرا للنفط، (45 ألف برميل يوميا من حقل البحرين، و150 ألف برميل يوميا من حقل ابوسعفة المشترك مع السعودية).

الزيارة إلى موسكو قد يُنظر إليها، في جانب جوهري، على أنها فشل ملكي في الحصول على فرصة للاجتماع مع الرئيس الأميركي أوباما، وأود سريعا القول أن ذلك لا ينبغي أن يُفسر على أن الدعم الغربي للسلطات الخليفية قد تلاشى، لكن من الملاحظ أن الشكوك الغربية والأميركية في مدى نجاعة النهج الخليفي تتزايد يوما بعد آخر.

المرة الأخيرة التي قام الملك البحريني إلى الولايات المتحدة كانت في سبتمبر 2011، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونتذكر صورة الاختناق التي ظهر بها الملك بعد إلقائه كلمته، التي لم تستطع تغيير القناعات الدولية بشأن حاجة البحرين إلى  إجراء مصالحة وطنية، وأن النهج الذي عبّر عنه ملك البحرين يعني استمرار الأزمة، وهذا ما يتأكد الآن، بعد أربع سنوات من اعتصام دوار اللؤلؤة الحاشد.

في هذا العام (2014)، لم يترأس ملك البحرين ولا ولي عهده، الوفد الرسمي إلى نيويورك، خوفا من أن يذكر أوباما البحرينَ على نحو لا يريح المنامة، كما فعل أكثر من مرة في مداخلاته الأممية، وإنْ ظلت أقواله لا تتحول إلى أفعال، بل إن أفعال الولايات تناقض مقولاتها عند الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في الخليج.

ويُتوقع أن تزداد الشكوك الغربية حيال النهج الخليفي في حال تمكنت المعارضة من إفشال الانتخابات، وأعلنت برنامجا فعالا يتعاطى مع إفرازات ما بعد الانتخابات.

أخيرا، لا الروس ولا الخليفيون يرجون الكثير من بعضهم. ومع ذلك، فإن أيا منهما لا يغلق باباً إنْ لم ينفع؛ فإنه لا يضرّ.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى